العرب القطرية- تقول ريم ضوا، المهاجرة إلى ألمانيا: «لا أنكر أن سوريا قبل ما وقع بها كانت تبدو أكثر احتراماً للنساء، لكنني لا أنكر أن المجتمع لم ينصفها بعد، وما يزال ينظر إليها كشخص ناقص وضعيف، وهو عكس الحياة في برلين وضواحي الدولة الأوروبية».
وتحكي ريم قصتها: «قبل عدة أعوام في دمشق، كنت متجهة إلى عملي، وكانت الحافلة مكتظة بالناس كالمعتاد، وبالكاد وجدت مقعداً شاغراً وجلست بسرعة مع شعور بالانتصار. لم تدم فرحتي الصغيرة طويلاً بفضل أحمق كان يجلس بالمقعد المقابل لمقعدي تماماً». وتابعت: «كان يحاول جاهداً لفت انتباهي إليه ليقوم ببعض الحركات السخيفة على مرأى من الركاب الآخرين، كان الموقف محرجاً جداً. كنت أفكر، إن نزلت الآن قد يتبعني، إن اشتكيت لأحد سيقولون: لو موعاطيتو وجه ما بيتصرف هيك». كدت أختنق لشعوري بالوحدة رغم أني كنت محاطة بالناس من كل الجهات».
وبحسب المهاجرة قالت: «بعد قليل سمعت صوت سيدة في منتصف العمر تكلمني، قالت: مرحبا كيفك؟، لم أعرفها، لكنني أدركت مبادرتها وبدأت الحديث معها، ثم أشارت إليّ بالنزول من الحافلة. نزلنا وشكرتها على تدخلها لإنقاذي من ذلك الموقف».
وتكشف موضِّحة: «ما زلت أذكر كلماتها ووجهها الطيّب حين قالت: انقهرت وخفت يلحقك … تخيلتك بنتي! (انقهرت) هذا النوع من القهر الذي لن يعرفه الرجل العربي. نعم القهر، القهر بأن أكون صاحبة حق وأكون في نظر المجتمع المُتسبب، هذا القهر الذي تشاركته مع تلك السيدة وابنتها وابنة أحدهم أيضاً، فقط لأننا نعيش في ظل مجتمع ذكوري يرى في المرأة نصف إنسان».
وأكدت أنه خلال إقامتها في ألمانيا، وفي حافلةٍ لا تشبه سابقتها بشيء، إلا بمتحرشٍ مكبوت، تكرر الموقف، لكن هذه المرة لجأت للشرطة التي وقفت بجانبها، فنال عقابه وشعرت لأول مرة أن أنوثتها أقوى مما سبق.
وتقول: «ويتساءلون لماذا تطالب المرأة بالمساواة في حين أنها تدرس وتعمل؟! على فكرة: المساواة بين الجنسين لا تقتصر على ذلك فقط، كما لا تعني التشبه بالغرب من حيث طريقة الملبس أو الحياة، أو كما يحاول البعض تشويهها على أنها (انحلال أخلاقي)، بل تعني المساواة في القانون وفي جميع مجالات الحياة وتكافؤ الفرص والأمان الاجتماعي. وهذا هو الحال في ألمانيا، حيث يتساوى الجنسان أمام المجتمع والقانون، ولا يعتبرون الشكوى على المعاكسات «مياعة» أو «دخول المخافر مو للبنات»، وعلاوة على ذلك ما تزال الحركة النسوية قائمة».