د. آمال موسى المقدمي/الشروق- إن الحديث عن السعادة في العصر الحالي الموصوف بزمن القلق والتوتر قد يبدو ضرباً من التنظير والتعالي عن الواقع. ولكن مع ذلك فالسعادة أمر نسبي وهناك من يستشعر الحد الأدنى منها وهناك من يستطيع توهمها لو تعذر على واقعه إنتاجها.. هذا بشكل عام.
الأحد القادم تحتفل تونس باليوم الوطني للمرأة. كما أن فئات واسعة من التونسيين عبّرت عن مناصرتها لمصادقة مجلس النواب على قانون تجريم العنف ضد المرأة في الأيام الأخيرة. وتقول بعض الأخبار الصادرة في بعض المواقع الإلكترونية إن السيّد الباجي قائد السبسي رئيس البلاد سيعلن في خطاب الاحتفال بالعيد الوطني للمرأة التونسيّة عن مكسب أو مكاسب تدعم مكانة المرأة.
إذن الرصيد التشريعي في مجال حقوق المرأة بصدد التراكم، الشيء الذي يجعلنا نطرح سؤالا غاية في البساطة: هل تشعر المرأة التونسية بالحدّ الأدنى من السعادة والرضا؟
أُلِحُّ على هذا السؤال لأن لا معنى لأي تشريع إذا لم يُنظم حياتنا ويأخذها نحو الأفضل كما أن الحقوق نسعى إلى اكتسابها كي نسعد بها وليس من أجل الشقاء.
طبعاً هناك توضيح لا بدّ منه: كل التشريعات في مجال المرأة مهمة وهي عنوان تنمية ثقافية وتجسيد لفكرة المواطنة التي لا معنى للديمقراطية دونها. ومن ثمة فإن القوانين التي تبدو لنا للوهلة الأولى لصالح المرأة دون سواها هي في الحقيقة لصالح الجنسين والأسرة والمجتمع لأن التحديث من شروطه القضاء على التمايز بين الأدوار الخاصة بالجنسين.
ولكن في مقابل هذا التوضيح أريد أن أعبر عن بعض القلق: ما هو حجم الهوة بين القوانين الداعمة لحقوق المرأة وواقعها الاجتماعي؟
ودون التوغل في كيفية تمثّل صورة المرأة التونسية اليوم ومدلولات هذه التمثّلات فإننا نشير إلى أن الواقع الاجتماعي يزخر بالأرقام والظواهر التي تفيد بأن امرأتنا التونسية تعاني صعوبات حقيقية في الممارسات الاجتماعية. فهي امرأة مُعنفة رمزياً ومادياً ونسبة العنف المسلط ضدها في ارتفاع كبير. كما أن العلاقة بينها والرجل متوتّرة بدليل نسب الطلاق المرتفعة، ناهيك عن بعض مظاهر الحيف الاقتصادي وتضررها من مشكلة البطالة وغيرها.
صحيح أن المرأة التونسية تناضل وتحاول أن تبني تونس أفضل وهنا نستحضر نسب نجاح الإناث في التعليم بمختلف مراحله وتميّز الكوادر النسائية في المسؤوليات… ولكن الواقع يعاكسها ويجعل من مكاسبها مصدر إدانة لها. وهو ما يعني أن التقبل الاجتماعي ليس بالقدر الكافي ومظاهر الهيمنة الذكورية تفعل فعلها جهراً وتحت الرماد أيضاً.
هناك تعاطي فوقي مدجج بالخلفية الاجتماعية الذكورية ضد المرأة وما تتحصل عليه بالنضال المدني الحقوقي من تشريعات ومكاسب يؤخذ منها وراء الأبواب المغلقة وأحياناً في الفضاء العمومي عنفاً بأشكاله كافة.