كفاح زعتري/ ayyamsyria- ساهم عمل المرأة عادة في رفع المستوى المالي لعائلاتهن، لذا تقوم أغلب النساء في البحث عن عمل يساعدهن في الحصول على أجر عادل مقابل ما يتم إنجازه من قبلهن، بالإضافة إلى أنّ العمل يساعدهنّ في التقدّم وتحسين الوضع الاجتماعي لأسرهنّ، وخاصةً عندما يستطعن تحقيق الموازنة بين العمل والأسرة، حيث تشعر المرأة أنها تساهم بشكلٍ ما في تنمية المجتمع.
سؤال أولي
كيف تنظر المرأة العاملة إلى عمل المرأة؟ وهل حقّقت استقلالها وحريّتها ومساواتها مع الرجل ولو على نطاق محيطها الضيّق؟ سؤالٌ تمّ توجيهه إلى سيداتٍ عَمِلن لأكثر من عقدين من الزمن.
أحسستُ بالغبن
رواد، جامعية، موظّفة في مالية حلب، عَمِلَت ثلاثين سنة، تركت العمل عندما اضطرت إلى مغادرة البلد، هي أم لثلاثة أولاد، تقول: “كان دوامي ثماني ساعات يوماً وأعمل مثلهم في البيت، بين أعمال المنزل ومتابعة دراسة الأولاد والتسوّق وحياكة الصوف والخياطة لعائلتي، إضافةً إلى الفروض والواجبات الاجتماعية، مضطرة لعمل كل شيء بنفسي، ليصبح دخلي ودخل زوجي كافيين”. وتضيف، للأسف “المبلغ الذي يحصّله زوجي من عمله هو أكبر من راتبي الوظيفي، إلا أنّي كنت أوفّر ما يعادل راتب ثانٍ من أعمال أقوم بها بدلاً من شرائها”.
تتابع بحسرة “عند شرائنا للبيت سجّله زوجي باسمه، أحسست بالغبن، أنا أعمل ساعات عمل أكثر وأبذل جهداً أكبر، إلا أن عملي غير مُثمَّن؛ فزوجي رجلٌ بمقاييس الشرق، ثقافته الواسعة لم تنتج تعاملاً مختلفاً عن تعامل أبيه وجده، ليبقى العُرف والعادات أقوى وأهم من الثقافة. وأبقى أسيرة العمل والأسرة.”
زوجي لا يرى عمليا تجسيد التحرر سوى في عمل المرأة
سُلاف، تحمل مؤهّل علمي عالي، ومهنة حرّة تدر دخلاً جيداً، تقول: “كنت أعمل طيلة ساعات اليوم، أقتنصُ منها بعض الأوقات للقيام بأعمالٍ في البيت ورعاية الأولاد والإشراف على دراستهم ومتابعة مشاكلهم، وإعداد الطعام. أتابعُ كل شيء، نحلة لا تتوقّف عن العمل. ورغم ثقافة زوجي الواسعة وإيمانه بالنظريات التي تتحدّث عن تحرّر المرأة والمساواة إلا أنّه لا يرى عملياً تجسيد التحرّر سوى في عمل المرأة.”
راتب واحد غير كافٍ
ديمة، أم لأربعة صبايا، عملت بشكل متواصل مدّة 35 سنة، لم يمنعها إنجاب أربع بنات من العمل، راتب واحد غير كافٍ، فالالتزامات كبيرة. تقول ديمة: “المرأة تعمل ورديتين براتب واحد، جميع متطلّبات البيت والأولاد شأن نسوي صرف، لا يتدخّل الزوج به ولا يتحمّل أي مسؤولية مع المرأة، رغم أنّها شريكةٌ بالعمل خارج البيت وشريكةٌ بتقديم المال للأسرة، هي شريكةٌ بما كان يُعتَبر واجبات ذكورية، إلا أنّ الرجل ليس شريكاً بما يُعرف بأعمال المرأة. المرأة العاملة مستهلَكة ومتعَبة، تُعطي دون أن تأخذ، لا وقت لديها للرفاهية أو المتعة”.
مجتمع يصنّف النساء نخب ثانٍ
تضيف رواد: ”في مجتمع يصنّف النساء نخب ثانٍ، يقدّس الأم ويحتقر المرأة، يرى الزوجة المثالية هي التي تجمع بين (الخادمة والعاهرة وسيدة صالون)، بهكذا فضاء عمل المرأة لن يُكسِبَها الحريّة ولن يحقّق المساواة.”
تقول سلاف: “عملي وقوة شخصيتي ودخلي العالي لم تكن كافية لاتخاذ قرار باختيار حريتي، طالما ثقافة وعلم زوجي وأفكاره التقدّمية، لم تمنعه من التلويح بحقّه القانوني بالأولاد لتجاوزهم سن الحضانة.”
وتكمل ديمة: “بناتي ناجحات وأنا فخورة بهنّ، ببداية حياتي الزوجية كنت أحلم مع زوجي بطفلين نحسن تربيتهما والإنفاق عليهما بسخاء، إلا أنّ حصار العائلة والصديقات والسؤال المتكرّر عن الصبي ومستقبل البنات بغياب الصبي والإرث والحجب، وجدتُ نفسي أنجب وأنجب على أمل الحمل بصبي. المرأة محكومة بأعراف الجاهلية وبقوانين جائرة، وموروث ديني بعيد عن الدين، لا تستطيع اتخاذ قرارٍ حرٍّ بما تُمليه لإرادتها حتى بشؤونها الخاصة جداً”.
الاستغلال في مكان العمل
تختُم نسمة الشابة الصغيرة التي دخلت سوق العمل بسن مبكرة بسبب ظروف الهجرة القسرية التي فُرِضَت على السوريين، قائلةً: ”عملتُ بأكثر من مكان مع السوريين، منظمات متواضعة وكبيرة، تعرّضتُ لاستغلال بكل مكان عَمِلتُ به بسبب صغر سني ولكوني أنثى، قرّرتُ ترك العمل والعودة إلى الدراسة لأكون أكثر قوّة وأستطيع أن أحمي نفسي من الاستغلال”.
*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.