إن هذه النسب، تدحض وبلا أدنى شكّ جميع النظريات القائلة بأن لا معيقات أمام مشاركة النساء الفعلية في الحياة العامة سوى إحجام النساء أنفسهن عن الترشّح، وتبشّر بتقدّم متعثّر وضئيل في هذا المجال على الرغم من النضال الحثيث على مدى سنوات للمنظمات النسائية من أجل دعم وصول النساء إلى مراكز صنع القرار والمشاركة السياسية المحلية والوطنية، ومن الحملات الكثيفة التي تطلق لهذا الغرض عند كل استحقاق إنتخابي في لبنان. ومن هنا، بات من الملحّ العمل وبجدّية على الضغط من أجل إعتماد نظام كوتا نسائية، باعتبارها تمييز إيجابي وتدبير مؤقّت، في جميع الإستحقاقات الإنتخابية وفي الأنظمة الداخلية للأحزاب، التي أثبتت بمعظمها من خلال ترشيحاتها في الإنتخابات النيابية الأخيرة ضعف وفي حالات كثيرة إنعدام تبنّيها لترشّح نساء على لوائحها وبالتالي عدم أخذ موضوع مشاركة النساء الفعلية في الحياة السياسية على محمل الجدّ.
وبالعودة إلى الأرقام، فقد أظهر بحث علمي بعنوان “المعطيات الرقمية حول مشاركة المرأة في الإنتخابات البلدية” أجرته الدولية للمعلومات بتكليف من الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، أن عدد النساء المرشحات للإنتخابات البلدية للعام 2016 بلغ 1485 مرشحة من أصل 12249، أي ما نسبته 6.5% من إجمالي عدد المرشحين، وقد فاز منهن 680 مرشّحة، أي 5.6% من إجمالي الفائزين. وقدّ سجّل البحث، فوز ثلاث مرشحات في محافظة بيروت، أي ما نسبته 12.5%، فوز 52 مرشحة في محافظتي البقاع وبعلبك الهرمل أي 2.5% من نسبة الفائزين، فوز 250 إمرأة في محافظة جبل لبنان وهي نسبة 6.8% من إجمالي الفائزين، فوز 126 مرشحة في محافظتي
النبطية والجنوب أي ما نسبته 3.8%، وفوز 249 إمرأة في محافظتي الشمال وعكار بنسبة 7.9% من إجمالي الفائزين. كذلك، كشف البحث عن نسب متوسّط الأصوات التي حصلت عليها النساء الفائزات في مدن مختلفة، والتي توزّعت على الشكل التالي: حازت المرشّحات الفائزات في مدينة بيروت، ماتيلدا الخوري ويسرى صيداني وهدى الأسطة، على نسبة 46.7% من الأصوات، وفي مدينة طرابلس فازت رشا سنكري بنسبة 37% من متوسّط الأصوات، وفي صيدا حازت الإناث الفائزات على نسبة 51.9% من الأصوات، فيما حصدت النساء الفائزات في مدينة زحلة نسبة 41% من الأصوات، أمّا في مدينة جونية فقد بلغت نسبة متوسّط الأصوات التي حصلت عليها الإناث الفائزات 45.3%.
في المحصّلة، تبقى النسبة الأكثر تعبيراً بين المعطيات المذكورة أعلاه، أن 5.6% فقط من النساء في لبنان شريكات اليوم في صنع القرار المحلي عبر العمل البلدي، خلافاً لجميع معايير المناصفة والمشاركة الفعّالة في الحياة العامة بين الجنسين، والتي كفلتها ونصّت عليها القوانين والمعاهدات الدولية تمهيداً لتفعيل دور النساء في عملية التنمية ووقف التهميش والإقصاء الممارس بحقّهن.