سناك سوري- لا يلقَ الحراك النسوي لليوم قبولاً أو استحساناً في الجنوب السوري، لاعتبارات فرضتها الحرب وعززها التشدد المذهبي والفكري الذي أصبح السمة الأبرز للواقع في الجنوب، هذا الواقع الذي يعرقل و يعارض بشقيه أجندات ومطالب العمل النسوي ّبعمومه.
ورغم نمطية الدور المحدود الذي تمارسه المرأة بعد الحرب، والذي يمكن حصره في مساعدة الرجل بالمجالات التعليمية والإنسانية من برامج الدعم النفسي للأطفال والاسعافات الأولية كالتمريض وبرامج محو الأمية وبعض الأعمال الريادية، وذلك في إطار منظمات عنيت بعض النسوة على تشكيلها بمرارة إلا أن دورها رغم ذلك لا يزال مهمّشاً من جهة الإنخراط في العمل السياسي وشغل مناصب إدارية أو ذات ثقل قراري.
يوجد اليوم في الجنوب السوري قرابة 151 مجلساً محلياً تابعاً للهيئات التمثيلية للمعارضة، ولا يذكر للمرأة فيها أي تمثيل حقيقي، وفي ذلك ترى ”أم عبدالله“ مرشحة سابقة لمجلس محلي في القنيطرة أن سبب رفض ترشيحها لعضوية المجلس المحلي عن بلدتها:«هو حصر مهمة العمل في المجالس المحلية بالرجال، وذلك لأن العمل في هذا المجال يتطلب قدرة على التحمل لا تستطيع مزاولتها المرأة بحسب الصورة النمطية التي فرضها المجتمع في الجنوب عن المرأة».
وفيما يتعلق بنشاط المرأة المدني، فقد رصد مؤخراً تقرير أعدّه مركز جولان للدراسات والأبحاث _وهو مؤسسة بحثية ترصد أعمال المجالس المحلية ومؤسسات المجتمع المدني في الجنوب السوري_ وجود 95 مؤسسة مجتمع مدني موزعة على كامل محافظتي القنيطرة ودرعا حتى نهاية أيلول الفائت، حيث ذكر مدير المركز ”مالك أحمد“:«أن من بين الـ 95 مؤسسة التي تم رصدها يوجد فقط 9 مؤسسات مجتمع مدني تختص في مجال المرأة»، وأضاف لـ ”سناك سوري“ هذا الدور الضعيف للمرأة يعود لسبب رئيسي وهو «تعدد وتوزع الفصائل العسكرية بتوجهاتها الأيدولوجية المتشددة اجتماعيا ودينياً في الجنوب، والتي بلغت قرابة 119 فصيلاً، حيث حال ذلك دون قدرة المرأة على التنقل والتحرك والعمل والتعلم تحت وطأة العنف وانعدام الأمن».
ويعاني التنظيم النسوي الإداري في الجنوب اليوم من ضعف واضح في بنيته، فهو بدائي من حيث التنظيم والتنسيق وطرح المشاريع والمبادرات، والسبب الرئيسي في ضعف البرامج التي تطرحها هذه المؤسسات النسوية هو ضعف التمويل، واستمرار النظرة الذكورية للأعمال الريادية التي تقوم بها المرأة في المجتمع.