جيرون/نقلاً عن الـ سي ان ان- ليس من الأمر الغريب القول إن غالبية النساء في العالم تعرّضن للتحرّش اللفظي أو الجسدي لدى مرورهن من أمام تجمّع للشبان في الشارع. وما أن تقترب إحداهن من هذا التجمع، حتى تشعر بالتوتر، فهناك العديد من المضايقات التي قد تحصل لدى مرورها بهم، منها إطلاق عبارات الغزل أو ألفاظ مسيئة للفتاة، وقد تتطوّر هذه المضايقات إلى محاولة إيقافها أو ملامستها، وصولاً إلى تعرّضها إلى التحرش أو الاغتصاب.
وبحسب مديرة برنامج “What Works to Prevent Violence Against Women and Girls” الدولي، ريتشل جوكيز قالت: “الاغتصاب هو أحد التبعات القصوى للاعتداء الجنسي. لكن، توجد أنواعٌ أخرى من الاعتداءات.”
وأضافت: “لأن التحرّش الجنسي هو جزء من الحياة اليومية، خاصةً في الأماكن العامة، فهو يوظّف لإعاقة حرية النساء (في الشارع). وقد شاركت النساء من حول العالم مؤخراً، من شوارع مومباي، مروراً بلندن ولاغوس، وصولاً إلى واشنطن، بقصصٍ حول تجاربهن الخاصة مع التحرّش والإساءة، عن طريق حملة “#MeToo”.
وربما تكون مصادر هذه القصص وأشكالها مختلفة، إلا أن الكثير منها تشاركت فيما بينها، لتظهر أن مشكلة التحرّش في العالم واحدة.
آسيا
تقول جوكيز: “إن دول قارة آسيا تشهد نفوذاً ذكورياً في الأماكن العامة، خاصةً في آسيا الجنوبية، حيث يشعر الرجال أن ملكيّة الأماكن العامة والشوارع تعود لهم،” مما يتيح الفرصة للرجال التحرّش بالنساء، على حد قولها.
وتضيف “إن انعدام الأمان في الشوارع يعطي حجةً لمنع السيدات والفتيات من الخروج من منازلهن، أو منعهنّ من الذهاب إلى المدارس”.
وفي العام 2012، تم تسليط الضوء على الكثير من حالات الاغتصاب في الهند، بعد حادثة اغتصاب جماعية لطالبة في إحدى حافلات العاصمة نيو دلهي.
وفي العام 2016، أظهرت دراسة من قبل منظمة خيرية تدعى “Action Aid” أن نسبة 44% من نساء الهند قد تعرضن إلى الملامسة بشكل جنسي من قبل شخص ما على الاقل في مكان عام.
وبحسب هيئة الأمم المتحدة للمرأة، فإن أربعةً من كلّ عشر نساء قد تعرّضن لعنفٍ جنسي أو جسدي من شريكٍ عاطفي.
وتقول جوكيز: ”إن الهند، وباكستان، وبنغلاديش من بين الدول التي تنتشر فيها عدم المساواة بين الجنسين بشكلٍ كبير، وهو أمر يدعمه المجتمع” على حد قولها.
ووفقاً لتقارير صادرة عن منظمة “Action Aid” في شرق آسيا، فإن ثلاثةً من كل أربع نساء تختبر تحرشاً جنسياً وجسدياً أو لفظياً، وفي كمبوديا وفييتنام بالتحديد.
الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
وللأسف لم يكن لحملة “#MeToo” رواجٌ واسعٌ في العالم العربي مقارنةً بباقي دول العالم. وبطبيعة الحال، فإنه من النادر في الشرق الأوسط التبليغ عن حالات التحرش أو الاغتصاب، حيث تندر الأصوات المنادية بمحاسبة المجرمين. ولكن يعتقد بعض الخبراء أن حالات الإساءة والتحرّش في الشرق الأوسط لا تقل شيوعاً عن غيرها من بلدان العالم.
وبحسب مديرة معهد الدراسات النسائية في العالم العربي في لبنان، لينا أبي رافع، فإن لهذا الصمت أسباباً كثيرة، كالعار المرتبط بالتحدّث عن الاعتداء أو التحرّش.
وتُوضح أبي رافع، أن حالات العار المزعوم الناتجة عن التحرّش في الشرق الأوسط، قد تشكّل خطراً أيضاَ على حياة المرأة العملية والأسرية هناك، وقد يصل الأمر في بعض الأسر إلى حدّ القتل لتلك الفتيات إن خسرن عذريتهن، على حدّ قولها.
وتشير أبي رافع إلى “أن الشريحة الأكثر عرضةً لهذا النوع من الجرائم هنّ السيدات اللواتي يندرجن تحت إطار العمالة الوافدة أو العمالة المنزلية، واللواتي يفتقرن للتمثيل الحقوقي والقدرات المادية”.
وبحسب تقرير أجرته هيئة الأمم المتحدة عن المرأة في مصر في العام 2013، ”فإن 99% من النساء اللواتي تمت مقابلتهن في سبع مناطق مختلفة في البلاد قد تعرّضن لأحد أنواع التحرّش الجنسي.”
وبحسب تقرير آخر لشركة “Harassmap” التي اقترحت تطبيقاً يتيح للنساء التبليغ عن المناطق غير الآمنة في القاهرة، فإن 95% من النساء في المدينة قد تعرّضن للتحرّش.
وتقول أبي عارف، إن سبب ارتفاع نسب التحرّش في الدول العربية الـ 22 “متنوّعة،” فهي تشبه إلى حدٍ ما، معاناة بعض الدول من الفوضى والصراعات، ما يجعل المرأة ضحيةً سهلةً للاعتداء الجنسي والاغتصاب، كما ينتشر زواج القاصرات في دولٍ كاليمن والصومال.
ووفقاً لـ “Population Reference Bureau” لجمع المعلومات، فقد ألغى الأردن مؤخراً الثغرات في القانون المدني التي تسمح للمغتصب بالإفلات من العقوبة بزواجه من الضحية. كما أعلن لبنان عن إلغاء قانون إعفاء المغتصب من العقوبة إذا تزوّج بضحيته.
لكن وبحسب منظمة “Human Rights Watch”، فإنه لا تزال هناك قوانين تابعة لثمانية دول عربية أخرى لا تعتبر المغتصب مجرماً في حال زواجه من ضحيته.
أوروبا
وفي أوروبا، تكثر المعلومات حول نسب التحرّش، بفضل مسحٍ واسع أجرته “وكالة الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية” في العام 2012.
وفي الدنمارك، بلغ عدد النساء اللواتي عانين من حالات التحرش نسبة 52 في المئة، وهي النسبة الأعلى في أوروبا.
وعند تحليل هذه النتائج والاحصائيات، فقد يظهر أن فرص العنف الجسدي الذي تتعرض له النساء ترتفع في الدول الاسكندنافية ولاتفيا والمملكة المتحدة، حيث تكثر حالات الاعتداء من طرف الشريك العاطفي.
وقد تعرّضت في العاصمة البريطانية لندن في العام 2012، أكثر من 40% من النساء إلى التحرش الجسدي في الشوارع عن العام الذي سبقه. وبحسب تقرير منفصل لمؤسسة “Stop Street Harassment” البريطانية، تعرّضت 35% من النساء في بريطانيا للمسّ بشكل جنسي غير مرغوبٍ به في حياتهن.