خص قانون الأحوال الشخصية السوري, المرأة بشكل عام, والزوجة بشكل خاص, بأحكام كثيرة, مستهدفاً ضمان حقوقها كطرف في عقد الزواج.
علم الدين عبد اللطيف/كورد ستريت– ورغم أن الكثير من النواقص لا تزال ملحوظة في هذا القانون, إذا أخذنا بعين الاعتبار التشريعات القانونية المتطورة في بعض بلدان المغرب العربي. والتي خرجت على الكثير من الأحكام التي درجت القوانين الوضعية المتعلقة بحق المرأة على مراعاتها باعتبارها أحكاماً إلهية. ((هكذا نص الشارع)).. فقد استحدثت تلك القوانين. أحكاماً جريئة في ما يختص بالكثير من متعلقات عقد الزواج. وجعله أقرب إلى العقد المدني العادي فيما بين متعاقدين, يكون سلطان الإرادة, هو الناظم للآثار المترتبة عليه. وخاصة بالنسبة للمرأة. كما وضع أحكاماً أخرى جريئة فيما يتعلق بإيقاع الطلاق, وجعله بائنا, بحيث لا يستطيع الرجل مراجعة زوجته بعد إيقاع الطلاق. في حالة تملكها حق الطلاق في عقد الزواج.. وغير ذلك مما قصّر عنه قانوننا. إلا أنه يبدو أن أي تطوير أو تعديل في أي الأحكام الشرعية, المأخوذة بحرفيتها – أو بتصرف- من الشريعة الإسلامية, يعتبر في نظر الشارع واضع القانون.مجازفة وأي مجازفة, كيف لا والأمر يتعلق بادئ ذي بدئ, بمقاربة شديدة الخطورة لأحكام الشريعة, بالمس أو التعديل.. . وثانياً إن الأمر يتعلق بالمرأة. فهل يستحق هذا المخلوق, المخاطرة –تحت طائلة غضب الله والعباد- بتغيير قواعد درجت مجلة الأحكام العدلية العصملية على اتباعها؟
جاء القانون المعمول به في سورية منذ عام /1953/ والمعدل بالقانون /34/ لعام /1975/ منزاحاً بعض الشيء, عن القوانين الأخرى, التي لا تزال فيها المرأة طرفاً مستضعفاً, وتخضع للكثير من الأحكام القديمة والقاصرة. فحرص أولاً على التقليل –قدر المستطاع – (وهل يكلف الله نفساً إلا وسعها ؟).. من الفوارق بين حقوق المرأة والرجل, كاشتراط إسكان المرأة في مسكن لائق.. وحاول – ولو بشكل خجول- معالجة موضوع تعدد الزوجات, وعدل سن أهلية الزواج بما يتفق مع مصلحة الصغيرة. وتطرّق إلى التفاوت الكبير بين الزوجين في السن, وجعل النفقة الزوجية خاضعة لتقدير القاضي, وجعل له أن يأمر بإسلاف الزوجة ما تنفق منه ريثما تنتهي الدعوى.. وقيّد الطلاق ببعض الأحكام والشروط بحيث جعله رجعياً ألا في بعض الحالات.. وعالج موضوع التفريق للغيبة ولعدم الإنفاق, وأوجب التعويض عن الطلاق التعسفي للمرأة الفقيرة.
وسنتناول في دراستنا هذه أهم الآثار المترتبة للمرأة بمجرد انعقاد الزواج في قانون الأحوال الشخصية السوري. وهي المهر والنفقة والمسكن الشرعي. وهي أهم الحقوق التي تضمن للزوجة الحياة بشكل لائق وكريم.
آثار عقد الزواج
1 – آثار من عمل الشارع: وهي آثار واحدة وموحّدة, لا أثر لشخصية العاقدين فيها.لأنها محددة سلفاً بحكم الشرع والقانون.
2- آثار من عمل المتعاقدين : وفيها يحق لكل من المتعاقدين أن يشترط شروطاً, بحيث تترتب آثار العقد بموجب هذه الشروط, بالإضافة إلى الآثار التي رتبها الشارع, ويفترض أنها لمصلحة أحد الزوجين دون أن تخالف الشرع أو مقتضى العقد.. . ويهمنا هنا الحقوق التي تترتب للزوجة على زوجها دون اشتراط.. . أي تلك التي رتبها الشارع للزوجة بمجرد انعقاد الزواج.. وهي حقوق مالية, حسب القانون السوري (المهر.. والنفقة.. والمسكن الشرعي) وهي من آثار عقد الزواج الصحيح والنافذ.
أولاً : المهر
نصت المادة /51/ من قانون الأحوال الشخصية السوري على أنه (يجب للزوجة المهر بمجرد العقد الصحيح, سواءً أسمي عند العقد, أو لم يسمّ, أو نفي أصلاً).
والمهر هو مال يقدمه الزوج لزوجته على أنه هدية لازمة وعطاء واجب, يثبت لها بمجرد العقد الصحيح, / أو بالدخول / في العقد الفاسد.. . وهو ليس ركناً من أركان عقد الزواج, ولا شرطاً من شروط الصحة.. . فإن العقد يصح ولو لم يسمّ الزوجان مهراً. لأنه أثر من آثار عقد الزواج, وإذا خلا العقد من ذكر المهر, بتفويض المرأة أو بدونه, فلها مهر المثل بالعقد.. . وحتى لو قال الزوج لزوجته (تزوجتك بدون مهر) فالعقد صحيح والشرط فاسد, فيبطل الشرط, ويصح العقد, ويجب مهر المثل.
إذاً يجب المهر للزوجة في حالتين:
–عقد الزواج الصحيح: سواءً تم الدخول بين الزوجين أم لم يتم, وسواءً طلق الزوج زوجته أو مات عنها, إلا أنه يثبت قبل الدخول بين الزوجين نصف المهر فقط, ويثبت بالوفاة تمام المهر, سواءً كانت الوفاة قبل الدخول أو بعده.
– في العقد الفاسد: وذلك إذا تم الدخول بين الزوجين, أما قبل الدخول فلا مهر للزوجة على زوجها.
ولا حد أعلى للمهر, لأنه لم يرد في الشرع تقدير أعلى أو أدنى للمهر, وكل ما يصح الالتزام به شرعاً يصح أن يكون مهراً.. وجاء في قانون الأحوال الشخصية مادة /54/ (لا حد لأقل المهر أو لأكثره) و(كل ماصحّ التزامه شرعاً صحً أن يكون مهراً).
وبما أن المهر ليس من أركان العقد, لذلك جاز أن يدفعه الزوج لزوجته حين العقد.. كما يجوز تأجيل دفعه كله أو بعضه, حسب الاتفاق, والمقدار الم}جل يعتبر مؤجلاً إلى حين الوفاة أو الطلاق.. . وتبدو فائدة معرفة المعجل من المهر عند امتناع الزوجة عن الانتقال إلى بيت الزوجية إذا لم يدفع لها المعجل المتفق عليه.. وإذا رضيت بتأجيل المهر بكامله, فلا يحق لها أن تمتنع عن متابعة زوجها.. . فقد نصت المادة/66/ من القانون السوري (على الزوجة بعد قبض معجلها أن تسكن مع زوجها).
–الزيادة في المهر أو الحط منه:
يتعلق ابتداءً بالمهر ثلاثة حقوق. حق الشرع وحق الولي وحق الزوجة.. . هذا حين إنشاء العقد, أما بعد ذلك فلا يبقى إلا حق واحد, هو حق الزوجة. وذلك حين يصبح المهر في ذمة الزوج, ولها إنقاصه أو إبراؤه. وللزوج أن يزيد فيه, ويشترط في ذلك أن تكون زيادة معلومة, وحال قيام الزوجية, حقيقة أو حكماً, وأن تقبل الزوجة هذه الزيادة في المجلس الذي حصلت فيه. ويجوز للزوجة كاملة الأهلية, أن تبرئ زوجها من مهرها أو تنقص له منه, ولا يشترط في ذلك قبول الزوج, بل يكفي عدم الرفض. فقد جاء في القانون السوري مادة /57/ (للزوج الزيادة في المهر بعد العقد وللمرأة الحط منه إذا كانا كاملي أهلية التصرف) وجاء في المادة /80/ منه (كما يجوز للزوج الزيادة في المهر, يجوز للزوجة البالغة أن تحط برضاها, في حال صحتها, كل المهر أو بعضه عن زوجها إن كان من النقد, ولا يجوز لها حط شئ من الأعيان).. وعلة ذلك أن الحط إسقاط, والأعيان لا تقبل الإسقاط, لأنها تتعلق بالذمة, فإذا أرادت المرأة أن تعطي زوجها مهرها من الأعيان – كدار مثلاً – فطريق ذلك الهبة لا الإبراء. والفرق بين الهبة والإبراء, أن الإبراء يكفي فيه عدم الرد.. . أما الهبة فلا بد فيها من القبول.
وتقبض المرأة مهرها بنفسها إن كانت كبيرة – راشدة – لكن الشريعة أقرت – وعملاً بالعرف والعادة – أن للولي, أباً أو جداً, قبض المهر, ويكون قبضه نافذاً عليها, إلا إذا منعته من ذلك. وقد نص القانون السوري في المادة /60/ على أنه (ينفذ على البكر, ولو كانت كاملة الأهلية, قبض وليها لمهرها, أن كان أباً أو جداً عصبياً, مالم تنه الزوج عن الدفع إليه) ثم عدلت هذه المادة سنة /1975/ على النحو التالي (المهر حق للزوجة, ولا تبرأ ذمة الزوج منه إلا بدفعه إليها بالذات إن كانت كاملة الأهلية ما لم توكل في وثيقة العقد وكيلاً خاصاً بقبضه).. وإن كانت غير رشيدة, كالصغيرة أو المحجور عليها لسفه أو لجنون أو غفلة, فولي ماله يتولى قبض مهرها, وولي المال هو الأب ثم وصيه ثم الجد ثم وصيه ثم القاضي ثم وصيه. وإذا تم عقد الزواج ولم يدفع الزوج المهر لزوجته أصبح ديناً في ذمته. ويجوز لها أن تطلب كفيلاً أو رهناً لضمان ذلك, وتطبق أحكام الكفالة والرهن حينئذ.
متى يجب للزوجة نصف المهر؟ إذا حصل الطلاق في الزواج الصحيح, وقد سمى الزوج مهراً.. . وسواءً كانت الفرقة طلاقاً أو فسخاً.. . ولم يتم الدخول. فللزوجة نصف المهر المسمى.. . .إلا أن هناك حالات لا يتنصف فيها المهر بالطلاق قبل الدخول.. . وذلك إذا تم الطلاق في العقد الفاسد قبل الدخول.. . وكذلك لا يشمل تنصيف المهر ما زيد عليه بعد إنشاء العقد.. . وأيضاً إذا تم الاتفاق على مهر المثل ثم حصل الطلاق قبل الدخول. فلا يجب نصف المهر. لأن النص ورد بتنصيف المهر المسمى.. . وكذلك المهر المفروض للمفوضة.. وهي التي تم العقد دون تسمية المهر.. ثم اتفق الزوجان على مهر مسمى بعد ذلك.. . لأنه مهر ملحق بالعقد.
متى يسقط المهر عن الزوج ؟ يسقط المهر أكان مسمى أم مهر المثل, إذا وقعت الفرقة بين الزوجين قبل أن يوجد ما يؤكد وجوب المهر.. . بسبب خيار البلوغ.. أو خيار الإفاقة من الجنون.. , كذلك إذا وقعت الفرقة من جانب الزوجة قبل الدخول.. . كما لو اختارت حين البلوغ أو الإفاقة من الجنون.. وكذلك إذا كان الطلاق بيدها فاختارت الطلاق قبل الدخول.. . وكذلك إذا ارتدّت الزوجة المسلمة عن الإسلام فلا مهر لها.. وأيضا في المفارقة بين الزوجين قبل الدخول في العقد الفاسد.. . وقتل الزوجة نفسها أو زوجها.
الاختلاف في المهر: إذا حدث الفراق بين الزوجين.. ووقع نزاع بينهما حول ما قدمه لها.. فيما إذا كان يعتبر من المهر أم من الهدايا.. . فإذا قدم الزوج لزوجته شيئاً من الهدايا أو النقود, ولم يبين هل هذه الأشياء من المهر أو من الهدايا.. ثم اختلف الزوجان وقال الزوج إنها من المهر وقالت الزوجة أنها هدايا.. فإن أياً من الزوجين يقيم البينة على ادعائه يكون الحكم له.. وإذا تساوت البينات رجحت بينة الزوجة. لأن بينة الزوجة خلاف الظاهر, , والظاهر هنا بجانب الزوج.. لأنه يسعى إلى وفاء ما بذمته, ومن المعقول أن يفي ديونه قبل تقديم الهدايا.. . وإن لم يستطع أحدهما إثبات ادعائه فيرجع إلى العرف, فما كان متعارفاً عليه أنه هدايا, فيعتبر كذلك مع يمين الزوجة.. وما جرى العرف على أنه مهر فهو مهر مع يمين الزوج.. وأن لم يتم الوصول إلى نتيجة, فالقول للزوج مع يمينه, لأنه هو الذي دفع, وهو أدرى بما قام به.. . أما إعداد الجهاز فهو على الزوج ولو قبضت الزوجة المهر, لأنه حق خالص لها.. ولو حدث أن جهزت الزوجة بيتها بمهرها فلها حق استرداده في أي وقت أرادت.
فسخ الزواج لعدم دفع المهر: رغم أن معظم الفقهاء قالوا بعدم أحقية الزوجة طلب فسخ الزواج لعدم دفع المهر.. لأنه يعتبر ديناً كبقية الديون في نظرهم.. . وأن انتقال الزوجة إلى بيت الزوجية قبل دفع المهر, يعتبر رضاً منها بالتأجيل إلى وقت اليسار.. لكن قانون أصول المحاكمات نص في المادة/460/ في باب الحبس التنفيذي.. على أن القاضي يقرر حبس المحكوم عليه لتأمين استيفاء الحقوق التالية دون غيرها :
- الأضرار المتولدة عن جرم جزائي
- النفقة الزوجية
- المهر
ومن المعلوم أن انشغال ذمة الزوج بمعجل المهر كلاً أو بعضاً, يوجب النفقة كما هو النص والفقه واجتهاد محكمة النقض السورية.
النفقة الزوجية
إن نفقة الزوجة واجبة على الزوج.. مادامت المرأة ملتزمة بالزوجية.. سواءً كانت غنية أم فقيرة, وسواءً كان الزوج موسراً أم معسراً. وقد نص القانون السوري على أن النفقة تشمل الطعام والكسوة والسكن والتطبيب بالقدر المعروف.
وتجب النفقة في الأحوال التالية:
– إذا كان الزواج صحيح شرعاً.. . فلا نفقة في العقد الفاسد.. . .وإن أنفق الزوج بحكم القضاء- في حالة عدم العلم بفساد العقد – كان له حق الرجوع على الزوجة بما أنفقه.. وإن كان بدون حكم قضائي.. فيعتبر متبرعاً ولا يسترد ما أنفق.. . أما إذا كانت الزوجة لا تعلم بفساد العقد فإنها تستحق النفقة.
–ألا تكون الزوجة ناشزة.. وممتنعة عن متابعة الزوج بعد إتمام العقد.. (إذا نشزت الزوجة فلا نفقة لها مدة النشوز) م./75/.. . ولا يثبت النشوز ألا بوجود مسكن شرعي رفضت الزوجة الانتقال إليه.. . ويبدأ استحقاق النفقة ولو كانت في منزل أهلها, ما لم يطلب إليها الزوج الانتقال إلى بيته وتمتنع دون مبرر.. أما إذا كان امتناعها لسبب مشروع.. كعدم دفع المهر مثلاً.. . أو عدم إعداد مسكن شرعي لها.. فلا تعتبر ناشزاً.. ولا تسقط نفقتها.. . أما الزوجة العاملة, فإن طلب إليها زوجها ترك العمل وامتنعت فلا نفقة لها مز/73/ (يسقط حق الزوجة في النفقة, إذا عملت خارج البيت دون إذن زوجها).
تقدير النفقة: نص القانون السوري على أنه (تقدر النفقة للزوجة على زوجها بحسب حال الزوج يسراً أو عسراً مهما كانت حالة الزوجة, على أن لا تقل عن حد الكفاية).. ويحكم القاضي بالنفقة مراعياً حال الزوج ووضعه المالي.. وغلاء الأسعار ومتطلبات المعيشة م./81 / يقدر القاضي النفقة.. ويجب أن يكون تقديرها مستنداً إلى أسباب ثابتة.. وله الاستئناس برأي الخبراء) كما نصت المادة /77/ (تجوز زيادة النفقة ونقصها بتبدل حال الزوج وأسعار البلد.. . ولا تقبل دعوى الزيادة أو النقص في النفقة المفروضة قبل مضي ستة أشهر على فرضها, إلا في الحالات الاستثنائية).
نفقة زوجة الغائب : إذا طلبت الزوجة نفقة لها على زوجها الغائب وكان له مال حكم القاضي لها بالنفقة ونفذ الحكم من هذا المال حتى لو كان عند الغير. أما إذا لم يكن له مال ظاهر, حكم القاضي بالنفقة على من كان ينفق عليها قبل الزواج.. على أن يكون ذلك ديناً في ذمة الزوج.. . أو أن تستدين بإذن القاضي من الغير, وللدائن الخيار بالرجوع على الزوج.أو على الزوجة بما دفعه.. . وتستطيع الزوجة أن ترجع على زوجها بما تم الرجوع عليها به من قبل الغير.
يحكم للزوجة بالنفقة من تاريخ امتناع الزوج عن الإنفاق الواجب عليه.. . ولا يحكم بأكثر من نفقة أربعة أشهر سابقة للادعاء. وقد راعى المشرع السوري حاجة الزوجة للنفقة أثناء سير الدعوى التي قد تطول.. لهذا أجاز للقاضي أن يأمر بإسلاف الزوجة مبلغاً لا يزيد على نفقة شهر, ويمكن تجديد هذه النفقة مرة بعد أخرى حتى انتهاء الدعوى, وينفذ هذا الأمر كالأحكام القطعية. وإذا تبين بعد انتهاء الدعوى أن الزوجة لا تستحق النفقة, وصدر الحكم بذلك, كان للزوج أن يسترد ما دفعه كسلفة مستعجلة م/82/ من القانون السوري.
نفقة المعتدة : تجب نفقة المعتدة على زوجها من طلاق أو تفريق بحكم القاضي, أم فرقة بفسخ.. . وتقدر نفقة المعتدة بمقدار النفقة الزوجية تماماً. وقد حدد القانون النفقة بأن لا تتجاوز تسعة أشهر. وإذا كان للزوجة قبل الطلاق نفقة مقدرة, فإنها تنقلب بدون حكم إلى نفقة عدة بعد الطلاق أو التفريق بنفس المقدار.
وقد جاء في قرار لمحكمة النقض السورية أن النفقة المفروضة قضاءً, تفسخ النفقة المفروضة رضاءً.. . ولا بد من الإشارة إلة أن نفقة العدة تسقط بالنشوز كالنفقة الزوجية تماماً.. وأيضاً بانتهاء فترة العدة, وأقصاها تسعة أشهر.. . .والجدير بالذكر أن النفقة المفروضة قضاءً أو رضاءً, لا تسقط ألا بالأداء أو الإبراء. كما نص قانون أصول المحاكمات السوري على عدم جواز الحجز على النفقة إطلاقاً.
المسكن الزوجي
إن إعداد المسكن الزوجي للحياة الزوجية, هو من حقوق الزوجة على زوجها, لأنه من آثار عقد الزواج التي يلزم الزوج بتأمينها شرعاً.. ويشترط بشكل عام أن يتوافر في المسكن كل ما يحتاج إليه ساكنه, من فرش, وأثاث.. . ومرافق أخرى, ولا يجوز بحال أن يقل المسكن عن غرفة مع مرافقها مهما كانت حال الزوج من الإعسار.. . وشرط ألا يشاركها فيها أحد, ولو كانوا من أهله أو أولاده من غيرها, عدا غير المميز منهم.. كما لا يجوز للزوج إسكان أكثر من زوجة في المسكن الواحد.. ولا يعتبر المسكن شرعياً إذا كان في مكان منقطع عن الناس أو مخيف, ولو توافرت فيه جميع الشروط.. . وعند تعدد الزوجات يجب على الزوج التسوية بينهن في المسكن.. . وإن التحقق من صلاحية المسكن, منوط بتقدير قاضي الموضوع وحده, دون مأمور التنفيذ.. . وعدم شرعية المسكن, يخول الزوجة حق تركه, وتقاضي النفقة من الزوج إلى أن يحكم عليها بالمتابعة إلى مسكن شرعي.. . كما أن عدم شرعية المسكن, يخول الزوجة عدم الانصياع في ترك الوظيفة حسب محكمة النقض, وفي قرار آخر أن شرط النشوز هو رفض الزوجة المتابعة بلا مبرر مع صلاح المسكن وقبض المعجل.. ولا عبرة للوعد في إتمام النقص بعد ذلك.. . وإن رضا الزوجة السابقة بالسكن مع ضرتها, لا يسقط حقها بالمطالبة بأن تسكن وحدها.
في كل الأحوال يرى معظم الدارسين من الفقهاء, أن موضوع تحديد السكن الشرعي, يجب أن يراعى فيه, فضلاً عن تقدير وضع الزوج المادي, ما تقضي به الأعراف, واختلاف الزمان والمكان. فمن الزوجات من ترضى بإسكان أهل الزوج في مسكنها. والأصل أن لا يكون هناك إيذاء للزوجة. ولا يشترط في الإيذاء المنصوص عليه في المادة /69/ أحوال شخصية أن يشكل جرماً معاقباً عليه, بل كل ما يعد في العرف أنه إيذاء, كالشتم مثلاً.. وللزوجة حسب قرار لمحكمة النقض, الاعتراض على المسكن المحكوم بشرعيته بدعوى جديدة إن طرأ سبب جديد بع الكشف يفسد شرعيته.. . كتسرب المياه الوسخة من الجيران.. . أو تهريب الزوج بعض الأشياء التي هي من أثاث البيت اللازمة لاعتباره شرعياً.. . ويجدر التنويه أيضاً إلى أن المسكن الشرعي, يجب أن يكون مملوكاً للزوج, أو مستأجراً.. وليس على سبيل الإعارة, أو تم استعماله بالحيلة أو غيرها.. وجاء في قرار لمحكمة النقض السورية, أن مجاورة الزوجة لمسكن الضرة يخل بشرعيته.. لأن من شرائط شرعية السكن, وجوده بين جيران صالحين تأمن الزوجة بهم على نفسها وراحتها.. يغيثونها إن استغاثت, وينجدونها إن احتاجت.. . وليست الضرة من هذا الجوار, لأن اسمها مشتق من الضرر والمضارة.