أ ف ب- تجلس وحدها في غرفتها بمنزل التقاعد المكتظ في دمشق، تشير “ناز الشيتي” ناحية صور بناتها في الخارج، وعينها عالقة على ملامحهم التي لم ترها منذ سنوات.
جاء هذا في تقرير لـ “وكالة اﻷنباء الفرنسية” عن وضع كبار السن في سوريا بعد سنوات من الحرب التي أجبرت الكثير من السوريين على وضع آبائهم وأمهاتهم في دار المسنين خوفًا على حياتهم، إلا أنّ معاناتهم بسبب فراق اﻷهل تفوق مزايا الدار، ودفعت البعض لتمني الموت بين أطفاله عن الحياة وحيدًا في الدار.
وقالت الوكالة، وضع كبار السنة في منازل التقاعد كان مستبعدا بالنسبة لمعظم السوريين، ولكن ست سنوات من الحرب والنزوح، تركت العديد بدون الكثير من الخيارات.
وكما أثر الصراع على حياة الشباب، أو أجبروا على الفرار للخارج، أرسل اﻷباء واﻷمهات إلى دور الرعاية بشكل متزايد.
الشيتي البالغة من العمر 85 عاما، واحدة من 140 سوريا يتلقون الرعاية في “دار صعدة” واحدة من أكبر منازل التقاعد في العاصمة لكبار السن.
ونقلت الوكالة عن الشيتي قولها:” جئت إلى هنا بعدما دمر بيتي وشرد أولادي و فروا إلى بلدان أخرى”.
وتعيش بناتها الثلاث الآن في الأردن، وألمانيا، وكردستان العراق، ولكنها ظلت في دمشق بعدما أجبرت على الفرار من المدينة التي تسيطر عليها المعارضة.
وبحسب الوكالة، كل يوم، تقرأ أو تكتب الشيتي في مذكراتها أنها تنتظر أن يتصل أطفالها، وتظل بالساعات تشاهد جهاز تلفاز صغير في غرفتها حينما تكون هناك كهرباء، على أمل سماع أنباء طيبة عن منزلها في دوما، أو البلاد التي يعيش فيها أطفالها.
وقالت الشيتي:” كنا نعيش بكرامة في منزلنا.. هنا خدمة ممتازة.. والمكان الدافئ.. ولكن اليوم أشعر بالمهانة بسبب عزلتي”.
وأضافت:” لم أكن أتوقع أن أقضي بقية حياتي أنظر إلى صور أولادي وأبكي عليها”.
ولكن منذ اندلاع الحرب في سوريا – التي شردت الملايين وقتلت ما لا يقل عن 310 ألف – كبار السن يتدفقون على دار صعدة.
وقال المدير العام للدار لميس الحفار: ” الطلبات الجديدة تأتي في كل يوم. وبسبب اﻷوضاع في سوريا، كثير من الشباب أجبروا على الفرار، وترك آبائهم، الذين بقوا لوحدهم وكانوا غير قادرين على إعالة أنفسهم”.
وفي دمشق هناك سبعة منازل للتقاعد، ثلاثة خاصة، وأربع تديرها الحكومة.
حسنية البالغة من العمر 75 تحافظ على توزيع الحلويات على الزائرين وزملائها في الدار، وفقدت ابنها أحمد عام 2012، عندما قتل في انفجار قرب دمشق، ولا تزال تسأل صديقاتها الدعاء له.
وأضافت:” كنت اعتمد على أحمد في كل شيء.. لم اعتقد ابدا انه سيأتي اليوم الذي يموت ويتركني وحيدة”.
وتابعت والحسرة في عينيها: الحرب أبعدت عني أولادي وأحفادي، وأشعر أنني سأموت قبل رؤيتهم مرة أخرى.. الموت مع أولادي خير من الحياة بعيدا عنهم”.