أخبار الأمم المتحدة- دعت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة نهار الأحد الشعب الأفغاني إلى التصالح مع الماضي ووضع “النساء في مركز القلب” في جميع الجهود المبذولة لإقامة سلام دائم، وصناعة عملية سياسية شاملة بحق، تُسمع فيها أصوات النساء حقاً.
جاءت كلمات السيدة أمينة محمد في حديث إلى الصحفيين في العاصمة كابول، بعد أن ترأست وفداً نسائياً من كبار مسؤولي الأمم المتحدة في “مهمة تضامن” مكثّفة استغرقت يومين، ركّزت على قضايا المرأة والسلام والأمن.
وقد ضمّ الوفد رفيع المستوى أيضاّ في زيارة التضامن إلى أفغانستان، كلٌّ من وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، روزماري ديكارلو، والمديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان، الدكتورة ناتاليا كانيم، إلى جانب رئيسة هيئة الأمم المتحدة للمرأة، بومزيلي ملامبو نوكا.
وقالت السيدة أمينة محمد إن الوفد قد قدم إلى البلاد قبل الانتخابات الرئاسية الهامة المتوقع إجراؤها نهاية أيلول/سبتمبر، غير “أنه هنا لتقديم دعمه لعملية السلام التي تمثّل جزءاً لا يتجزأ من المستقبل، ومن استدامة كافة جهود وتطلّعات حكومة أفغانستان وشعبها”.
وقد شهدت البلاد أحداثا دامية قبل بضعة أيام فقط من الزيارة، ونقلت الأخبار وقوع هجوم خارج جامعة كابول، أسفر عن مقتل 10 أشخاص، وجرح 33 آخرين، من بينهم عدد من الطلاب. كما أفادت التقارير بأن مقاتلي طالبان نفذوا تفجيراً خارج مقر الشرطة في مدينة قندهار، أسفر عنه مقتل 11 شخصاً وإصابة حوالي 90 بجروح. ورغم استمرار العنف، أجرى الزعماء الأفغان محادثات حاسمة مع ممثلي طالبان في قطر هذا الأسبوع، حيث طالب الجانبان بخفض الخسائر في صفوف المدنيين.
وأعربت المسؤولة الأممية الأرفع عن تثمينها وإشادتها بدور القيادات الأفغانية على جميع مستويات الحكومة، في كابول والمناطق المحلية، حيث رأت “استثماراً في الناس، ولا سيما في تمكين المرأة” حسب تعبيرها.
الوفد الأممي رفيع المستوى عقد عدّة لقاءات، أولها يوم السبت مع الرئيس أشرف غني ومع رئيس الوزراء عبد الله عبد الله؛ كما التقى الوفد أيضاً بمجموعة متنوّعة من النساء، استضافتها السيدة الأولى في أفغانستان رولا غاني. كذلك اجتمع الوفد في وقتٍ لاحق بعدد من الزعماء الدينيين، الذين يلعبون دوراً حاسماً في تعزيز عملية السلام.
وقد سافر الوفد يوم الأحد إلى مقاطعة باميان، حيث يدير صندوق الأمم المتحدة للسكان سلسلةً من برامج وخدمات الدعم للنساء في سن الإنجاب ولدعم الأسر، ومعالجة إشكالات العنف القائم على النوع الاجتماعي. كما تفقّد الوفد موقع الأمم المتحدة لإزالة الألغام، وموقع التراث العالمي لبوذا باميان التابع لليونسكو، والذي قد تمّ تدميره بواسطة طالبان في آذار/مارس 2001، إبان حكمها للبلاد حتى وقتٍ لاحق من ذلك العام.
وقد صرّحت نائبة الأمين العام للصحفيين بأن لقاءاتها ومحادثاتها وجهاً لوجه مع النساء الأفغانيات خلال هذه الزيارة، قد جعلتها واثقة دون أدنى شك من أن النساء يعملن في المراكز القيادية وفي صنع القرار “ويعرفن بالضبط الوجهة التي يتطلّعن نحوها – وما يحتجن إليه هو الدعم”، حسب تعبيرها.
وأشارت السيدة أمينة محمد إلى الرسائل التي سمعتها من النساء بشأن الانتخابات، وضرورة أن تكون “ذات مصداقية، وفي موعدها، وأن تكون شاملة للجميع، وأن تتيح الاستماع لأصواتهن”.
وتابعت قائلةً “فيما يتعلّق بعملية السلام” يجب أن تكون عملية شاملة “والشمول يعني أن تكون النساء في صلب” هذه العملية، لا سيما عندما يتعلّق الأمر بتلبية احتياجات ضحايا العنف، حسب قولها.
“لا يمكنك معالجة مسألة السلام وديمومته، إذا كنت لا تستطيع أن تتصالح مع الماضي” حسب نائبة الأمين العام، التي أشارت إلى أن الزيارة التضامنية مثّلت فرصةً مهمة بالنسبة لوفدها، الذي سعد برؤية “مكاسب الاستثمارات التي قامت بها منظومة الأمم المتحدة وشركاؤها على مدى سنوات” في البلاد.
“سندعم النساء الأفغانيات، في كلّ خطوة”
من جانبها، قالت رئيسة هيئة الأمم المتحدة للمرأة إنها تأثّرت بشدّة بالتحدّث مع نساءٍ تعايشن مع “الإرث القمعي لحكم طالبان، الذي منعهن حقّ الذهاب إلى المدرسة أو العمل أو حتى التحدّث علناً أو مغادرة المنزل دون رجل” حسب وصفها.
وقالت السيدة ملامبو نوكا: “لقد دافعت هؤلاء النسوة عن أنفسهن بإصرار وبشجاعة وعن إيصال أصواتهن، وعن أولوياتهن التي يتعيّن معالجتها والاعتراف بوجودهن”. وأضافت السيدة ملامبو نوكا “لكنهن لن يقفن وحيدات، لأن هيئة الأمم المتحدة للمرأة والأمم المتحدة، تقفان هنا لدعمهن في كلّ خطوة” يمشينها في هذا الطريق.
وأشارت السيدة ملامبو نوكا إلى أنه بينما يتزايد زخم محادثات السلام مع طالبان، فإن “ضمان مشاركة المرأة بشكل حقيقي في عملية السلام والمصالحة وفي الانتخابات المقبلة يصبح أكثر إلحاحاً من أيّ وقتٍ مضى”.
وأكّدت رئيسة الهيئة الأممية على حقّ المرأة في تحديد معنى السلام بالنسبة لها، وفي أن تحظى بمقعدها على طاولة التفاوض حول مستقبل البلد، مضيفةً بأنه “عندها فقط سنرى سلاماً دائماً وديمقراطية مزدهرة في أفغانستان”.
“مسؤولية جماعية” لإنهاء العنف القائم على نوع الجنس
توضح تقارير صندوق الأمم المتحدة للسكان عن مقاطعة باميان الأفغانية أن حوالي نصف أعداد النساء يضطررن للولادة في منازلهن دون الحصول على عون قابلة مؤَهّلة. كما يشير الصندوق إلى أنّ العنف القائم على نوع الجنس يمثل مصدر قلقٍ بالغ في المقاطعة، إذ تعاني 20% من النساء من أشكال العنف المنزلي.
وقالت رئيسة الصندوق الدكتورة ناتاليا كانيم إن إنهاءَه “هو مسؤوليتنا الجماعية، فهو لا يؤثّر على كرامة المرأة وصحتها ورفاهها فحسب، بل يمنعها من المشاركة بنشاط في مجتمعها والمساهمة في السلام”.
ويدير الصندوق شبكةً من مراكز حماية الأسرة، مع وزارة الصحة العامة الأفغانية، داخل المستشفيات والمرافق الصحية الرئيسية. كما يدعم أكثر من 100 دار لصحة الأسرة، حيث توفّر خدمات الصحة الإنجابية وصحة الأم والطفل الأساسية لنحو 300 ألف ممن يعيشون في المناطق التي تعاني من نقص الخدمات.
وأضافت رئيسة الصندوق أن عمل المنظمة الأممية “يقع في الخطوط الأمامية لهذه المعركة في أفغانستان، بل وفي جميع أنحاء العالم” مضيفةً أنه “إذا وقفنا متّحدين في سعينا لتحقيق المساواة بين الجنسين وحقوق الإنسان والعدالة” يمكن للعالم منع هذه المشكلة، التي وصفتها بالآفة، في كلّ مكان.
وأضافت المسؤولة الأممية أنه وعلى الرغم من المعاناة الهائلة، فإن مرونة النساء والفتيات اللاتي قابلتهن في الزيارة منحتها الأمل في مستقبل أفغانستان، حسب تعبيرها.
وقالت السيدة كانيم إن صندوق الأمم المتحدة للسكان “مكرّس لتحسين صحة النساء الأفغانيات ورفاههن، ولوضع الأساس لحياة الاختيار والمساواة لهن. إننا نحرز تقدّماً، لكن الطريق أمامنا لا يزال طويلاً”، حسب تعبيرها.
*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبها/كاتبتها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.