ساقية- قد تواجه النساء الكثير من الضغوطات الاجتماعية مما يجعلهن يسلكن طريقاً معيناً للتعامل مع هذه الضغوط، كابتكار آداب للسلوك، لكن هل فعلياً ان النساء ابتكرت آداب السلوك او ما يسمى “الإتيكيت“؟
بالتأكيد، ستقول نعم بأن النساء ابتكرت ذلك، وقد تضيف أيضاً ان النساء ابتكرت الدردشة والتنزه في الحدائق ومشاهدة حفل توزيع الجوائز التلفزيونية معاً.
فعلينا بالطبع ان نعترف أيضاً، بأن للرجال دور في ابتكار هذا الفن في السلوك.
وكمثل العديد من العادات الاجتماعية التي كان للرجال والنساء دوراً فيها، كذلك في “الإتيكيت” فكلاهما قد ساعدا بتطوير آداب الإتيكيت على مر العصور.
في حين أننا قد نعتبر (إميلي بوست)، مؤلفة أول كتاب في عالم الإتيكيت (الإتيكيت في المجتمع، في العمل، في السياسة، وفِي المنزل)، كدليل لنا لتعلم النقاط الدقيقة لبروتوكل الزفاف أو إعداد وترتيب المائدة في العصر الحديث، فتاريخ فن الإتيكيت يثبت لنا انه لم يكن تحت الهيمنة النسائية فحسب.
ففي الواقع كان فن “الإتيكيت” دارجاً ومُطبقاً بصرامة داخل البلاط الملكي الفرنسي، وتحديداً في عهد (لويس الرابع عشر) ملك فرنسا آنذاك. فقد كان (لويس الرابع عشر) شغوفاً جداً بالبروتوكول وبدى ذلك في خطاباته وحديثه بالتأكيد. فالتعامل بكثرة مع الإتيكيت كان مرتبطاً بواقع البلاط الملكي من الوفود والضيوف من طبقات إجتماعية متفاوتة وبلدان مختلفة، مما ساعد على فرض مجموعة من القوانين والأساليب الصارمة حفظاً للكبرياء والوقار، وضماناً على أن يظهر الإحترام والمراعاة للتسلسل الطبقي الاجتماعي.
ولكن هل هذا يعني أن (لويس الرابع عشر) هو من اخترع بنفسه آداب الإتيكيت؟
قطعاً لا، فبطبيعة الحال لطالما وُجدت المجتمعات الاجتماعية، فقد ابتكرت معها قواعد وأنماط السلوك؛ فالبعض كان يستشهد من الكتاب المقدس عن بعض آداب السلوك، وفِي العصور الوسطى على سبيل المثال، لم تكن هنالك قواعد واضحة كأيهما أنسب استخدام وعاء مخصص للبصق أم البصق على الأرض، أو أياً كانت الأعجوبة! فقد كان هنالك تسلسل يتَّبع للنظافة فهي كانت ولا زالت شيء مرغوب.
وتشير بعض الحقائق إلى ان بعض انواع قواعد الإتيكيت، ابتكرت لحماية النساء نتيجة لتلك القوانين الصارمة المضطهدة للمرأة في القرن التاسع عشر، فكانت هذه القواعد بمثابة حماية للنساء ضد الاضطهاد والمعاملة القاسية اللاتي تعرضن لها. ويشير آخرون ان آداب الإتيكيت صممت للحد من بعض المضايقات؛ كالتحرش الجنسي والتمييز داخل بيئة العمل.
وبطبيعة الحال، لا تشير أي من هذه الحقائق إلى استنتاجٍ مفاده بأن المرأة وحدها ابتكرت هذه القواعد والآداب الاجتماعية، وعوضاً عن ذلك فإن الإتيكيت شيء ابتكره الناس منذ القدم ويتغير بحسب ما تقتضيه الحاجة والضرورة.
وسواءاً كان الدافع لذلك التسلسل الطبقي الاجتماعي الذي فُرض، أم كحارس للنساء اللاتي لم يستطعن حماية أنفسهن أو مجرد وسيلة جيدة لإضفاء بعض المتعة عند كسر بعض القواعد، فبالتأكيد ان آداب الإتيكيت اختراع مشترك بين النساء والرجال.