المركز الوطني للأبحاث واستطلاع الرأي/دمشق- يحفل تاريخ سورية منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى يومنا هذا بأسماء آلهة وملكات وأميرات وإمبراطورات سوريات حكمن بيد حديدية فكان لهن دوراً هاماً على مستوى سورية والعالم وفي مقدمتهن الأميرة الفينيقية أوروبا التي أعطت اسمها لأصغر قارات العالم القديم، والملكة زنوبيا ملكة تدمر والإمبراطورة السورية الأصل جوليا دومنا والبيزنطية السورية المنبت ثيودورا. وفي التاريخ المعاصر ساهمت المرأة السورية في الحياة السياسية والاجتماعية والأدبية والثقافية بشكل فعال فولد هذا النشاط أسماء لامعة لأديبات وشاعرات ومربيات فاضلات وطبيبات وعاملات، محاميات ومهندسات حيث غدا وجودها فعالاً على كافة الأصعدة فاستلمت حقائب وزارية وتبوأت مناصب هامة من أبرزها نائب رئيس الجمهورية منذ عشرة أعوام. إلا أن هذا لا يعني إن المرأة السورية لم تواجه العقبات في سعيها ونضالها من أجل إثبات وجودها والقيام بدورها في المجتمع ومؤسسات البلد خاصة وأن المناخ العام الذي كان يسود بلاد الشام إنما كان متشدداً إزاء موضوع تحرر المرأة ما أثر سلباً على مشاركتها في الحياة العامة. حتى في ظل هذه الحرب الظالمة استمرت بصمودها بقوة بالرغم مما عانت من فقدانٍ لأبنائها وعائلتها وتعرضها لانتهاكات إنسانية على أيدي مجرمي جبهة النصرة وداعش وما لف لفيفهما في كافة المناطق السورية.
المرأة في ظل الاحتلال العثماني والاستعمار الفرنسي
كان هنالك مجموعة من الرائدات اللواتي اقتحمن الحياة العامة عنوةً، وناضلن كثيراً لإسماع صوت المرأة، ورغم أن نشاطهن الأساسي تركز في الصالونات الأدبية والمجلات النسائية، إلا أن مشاركتهن في الهموم العامة والحياة السياسية تركت بصمة واضحة لا يمكن إنكارها، مثل لبيبة هاشم، التي أصدرت عام 1906 مجلة ( فتاة الشرق )، وماري عجمي، التي واجهت الاحتلال العثماني ومن ثم الاستعمار الفرنسي بنفس الروح النضالية، وهي التي أسست عام 1910 مجلة ( العروس ) وأسست جمعيات نسائية عدة.
وعادلة بيهم الجزائري التي شاركت في النضال السياسي ضد العثمانيين، وحمت هي ورفيقاتها أناساً كثيرين من أعواد المشانق التركية، وأسست عدة جمعيات نسائية، لأهداف سياسية في المرحلة الأولى، ثم لأهداف ثقافية واجتماعية، وأسست عام 1933 ( الاتحاد النسائي العربي السوري ) الذي ضم عشرين جمعية نسائية. إضافة إلى تأثير النهضويات اللبنانيات كزينب فواز، التي عاشت جزءاً من حياتها في سورية، ودعت إلى مشاركة المرأة في الشؤون السياسية.
وعلى الرغم من أن مساهمة المرأة في الحياة السياسية بدأت خجولة في نهايات عهد الاستعمار العثماني، إذ اقتصرت فقط على مساعدة المناضلين وتخبئتهم عن أنظار المستعمر، دون مشاركة جدية فاعلة في الحياة السياسية، إلا أن حادثة شهداء 6 أيار دفع المرأة أكثر من قبل للتفاعل مع مجريات الأحداث السياسية، وإن بقي ذلك محدوداً، ولم تظهر في سورية في تلك الآونة حركة نسوية واضحة الأهداف والمعالم كما في مصر، أو قائدة بمستوى هدى شعراوي، التي قادت أول مظاهرة نسائية في مصر والعالم العربي 1919 سارت في شوارع القاهرة، وقدمت مذكرات للسفارات الأجنبية، فيها مطالب سياسية، والتي انشقت مع من معها من النسوة عن حزب الوفد، عندما رفض سعد زغلول اشراك المرأة بالهيئة البرلمانية بعد الثورة، وشكلت تنظيما نسائياً منفصلاً عن الوفد باسم (جمعية الاتحاد النسائي) عام 1923 لعب دوراً سياسياً واجتماعيا أيضاً. وفي مرحلة الانتداب الفرنسي (1920–1946)، التي كانت أيضاً مرحلة صعود البرجوازية العربية الناشئة، إذ بدأت في تلك الفترة مطالب حركة تحرر المرأة تتصاعد، وغدت مشاركة المرأة في الحياة العامة والسياسية أكثر وضوحاً، وكمثال على الفكر النهضوي هنا نذكر بعض الأسماء الهامة التي تابعت المطالبة بتحرر المرأة كالرائدة اللبنانية نظيرة زين الدين، والتي اعتبرت الممثلة النسائية لمدرسة التجديد الإسلامي، فقد ركزت على موضوع الحجاب، في كتابها الرائد ” السفور والحجاب ” وشغلت بالمعركة الضارية التي خاضتها مع رجال الدين، ولم يذكر مشاركتها في الحياة العامة والسياسية، وإن كانت من أهم من دعت إلى مشاركة المرأة فيهما.
ولعل السيدة ثريا الحافظ، صاحبة المنتدى الشهير ” منتدى سكينة الأدبي ” في دمشق، من أهم الأسماء التي شاركت في الحياة السياسية، والتي قيل عنها إنها “بطلة المظاهرات وخطيبة الجماهير”، التي لا يعرف الخوف قلبها، أحبت لغتها، وعشقت قوميتها.. إن من يقرأ روايتها ” حدث ذات يوم” يطلع على نضال المرأة السورية ضد الاستعمار الفرنسي، وعلى كفاح الفتيات السوريات اليافعات ضد الطغيان، الذي يعد مفخرة في تاريخ النضال النسوي السوري، وقد وصف منتداها بأنه صالون أدبي فني سياسي حيث خصص أياماً خاصة بالثورات، الثورة السورية الكبرى، الثورة الجزائرية.
كما ساهمت ثريا الحافظ في توعية النساء وتحريضهن ضد الاستعمار الفرنسي بمحاضرات وأحاديث إذاعية، وتمريض جرحى المظاهرات ضد المستعمر الفرنسي، ومواساة أسر الشهداء ورعاية أطفالهم مادياً ومعنوياً، وتوجيه النساء لممارسة حقهن المشروع في ممارسة الحق الانتخابي، ومن ثم حق الترشيح، كما قامت على رأس مئة سيدة، برفع النقاب عن وجوههن في مظاهرة تحررية قمن بها في شوارع دمشق، تلك الخطوة التي شقت الطريق للنساء كلهن ليمارسن أبسط حقوقهن وحرياتهن.. كما فاخرت بأنها أول امرأة سورية رشحت نفسها لانتخابات عامة.
المرأة السورية بعد الاستقلال
استقلت سورية في 17 نيسان 1946، وشاركت النساء في احتفالات الجلاء التي أقيمت كل عام في ذكرى جلاء المستعمر الفرنسي، إلا أن سورية عاشت بعد ذلك فترة من الانقلابات العسكرية المتتالية، التي بدأت بانقلاب حسني الزعيم عام 1949، ومن ثم انقلاب سامي الحناوي، فانقلاب الشيشكلي، الذي استلم الحكم في سورية، وبعد أن تحول إلى دكتاتور قامع، قامت مظاهرات ضده في كافة أنحاء سورية، شاركت فيها النساء والطالبات بشكل خاص في كل المحافظات السورية، وكان من بين ضحايا العنف الذي مارسته السلطات آنذاك ضد المتظاهرين، العديد من الطلاب والطالبات، الذين قتلوا في المواجهات الدامية بين رجال الشرطة والمظاهرات الطلابية، وإثر هذه الحوادث القمعية، أضربت جميع المدن السورية، وقامت حركة مناوئة في قطعات الجيش في كافة المناطق والمدن السورية، قادت إلى استقالة الشيشكلي ومغادرته سورية.
المرأة في البرلمان السوري
منحت المرأة السورية حق الانتخاب ضمن إصلاحات عام 1949 شرط أن تكون متزوجة ومتعلمة، غير أنها لم تمنح حينها حق الترشح، أما دستور 1950 فقد منح جميع النساء حق الانتخاب أسوة بالرجال، ومنحن أخيراً حق الترشح للانتخابات منذ انتخابات العام 1954، رغم ذلك لم تدخل أي امرأة إلى البرلمان السوري خلال عهد الجمهورية الأولى، وكان أول دخول إلى قبة البرلمان بعد انتخابات 1973 حين دخلت 5 نساء إلى البرلمان من أصل 186 واستقرّ تمثيل المرأة على قوائم الجبهة الوطنية التقدمية بنحو 12% من مجموع المقاعد، أي حوالي 30 مقعداً من أصل 250 حتى الوقت الحالي.
وكان آخر مجلس نيابي تم انتخابه خلال فترة الانتداب الفرنسي هو مجلس عام 1943 الذي استمر متخطياً ظروفاً صعبة جاهداً من أجل الفوز بالاستقلال بعد الحرب العالمية الثانية إثر المتغيرات الكثيرة التي أعقبت تلك الحرب حيث أمكن لكل من سورية ولبنان الفوز باستقلالهما فعلاً من دون أية شروط سياسية أوعسكرية أواقتصادية. وقد كان لدور البرلمانيين السوريين مدعومين بالحركة الوطنية المناهضة للاحتلال الفرنسي رد فعل معادٍ لدى بعض الأوساط الفرنسية التي بقيت على تمسكها بممارستها الاستعمارية وعدم استيعابها لإصرار سورية على استقلالها حتى آخر لحظة من وجودها في سورية، إذ أوعزت الدوائر العسكرية الفرنسية بتاريخ 29/5/1945 بقصف بناء البرلمان الأمر الذي أدى لاستشهاد عدد من رجال الدرك الوطني الذي كان أنشئ حديثاً كقوة حماية مسلحة للسلطة الوطنية التي كانت تستعد للاستقلال. ولقد أبقت حكومة الاستقلال على البرلمان المنتخب في أواخر سلطة الانتداب الفرنسي، حيث أجريت الانتخابات اللاحقة عام 1947، أي بعد عام واحد من نيل الاستقلال الذي تم في عام 1946.
تم انتخاب مجلس 1947 لأول مرة في عهد الاستقلال الوطني بتاريخ الخامس من حزيران من العام المذكور بعد أن تم تعديل قانون الانتخاب بحيث أصبح الانتخاب يتم على درجة واحدة بدلاً من درجتين واقتصر آنذاك على إعطاء حق الانتخاب للذكور فقط ممن أتموا العشرين عاماً.
إلا أن المجلس لم يدم طويلاً فتمّ حلّه بعد الانقلاب الأول الذي قاده حسني الزعيم عام 1949 في بداية سلسلة من الانقلابات وحركات التغيير التي ظهرت بخروج الجيش في كل انقلاب من ثكناته عائدا اليها بعد تسليمه السلطة لمن يراه مناسبا لتطلعاته الوطنية. وقد تتالت هذه الحالة حتى تاريخ 16/10/1970 تاريخ قيام الحركة التصحيحية التي قادها الفريق حافظ الأسد، حيث شهد الوضع السياسي شكلاً من أشكال الاستقرار منذ ذلك التاريخ وحتى الآن. وأصبحت البرلمانات السورية تنتخب في مواعيد منتظمة كل أربع سنوات في السنوات التالية لعام 1973 بعد أن أنجز برلمان عُيِّن عام 1971، صياغة الدستور الدائم الذي أصبح جاهزاً في عام 1973. كما حدث تغير لافت بمستوى مشاركة المرأة وتمثيلها داخل المجلس الذي أصبح عدد العضوات من السيدات للدور التشريعي الحالي /30/ من أصل /250/ عضوا.
إلا أن دستور 1953 كان أول دستور سوري منح المرأة ليس فقط حق الانتخاب، بل حق الترشيح للمجالس التشريعية أيضا مثلها مثل الرجل. ولكن بالرغم من ذلك، لم تتقدم للترشيح أية امرأة في ذلك الحين. وربما يمكن رد ذلك إلى أن ظروف الانتخابات التي جرت في ظل الدستور المذكور لم تجد لها ذلك الحماس الوطني بشكل عام لا بين الذكور ولا بين الإناث اعتراضاً على الطبيعة غير الديمقراطية للحكم. كما لم يكن هناك أي وجود لسيدة في برلمان عام 1954 الذي عرف باسم (المجلس النيابي) والذي جاء إثر الانتخابات التي جرت بعد إطاحة الجيش بالحكم السابق عبر انقلاب عسكري وتسليم السلطة للمدنيين. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الحزب الشيوعي السوري يشير في وثائقه إلى أن أصوات النساء لعبت دوراً كبيراً في إيصال مرشحه (خالد بكداش) إلى مقاعد البرلمان، أي أن مشاركة المرأة في العملية الانتخابية كانت بنسبة جيدة.
إلا أن أول وصول للمرأة لأحد البرلمانات في سورية كان في حقبة الوحدة السورية المصرية (1958 إلى 1961) حيث ضم برلمان الوحدة المعروف باسم (مجلس الأمة) والمكون بمجموعه من 600 عضواً، 200 منهم من الإقليم الشمالي (سورية) و400 عضواً من الإقليم الجنوبي (مصر). ولأول مرة في تاريخ سورية تدخل المرأة في عضوية المجالس التشريعية، إذ كان في عداد ممثلي القطر السوري سيدتان هما جيهان الموصلي ووداد هارون. ومن الواضح هنا أن وصول المرأة للبرلمان في هذه الحالة إنما تم بقرار من السلطة السياسية العليا وليس بسبب تأثيرها في الشارع وقرار الناخب بإيصالها للمجلس عبر صندوق الانتخاب.
حدث الانفصال عن الوحدة السورية المصرية بتاريخ 28/9/1961. وفي الدستور الدائم لعهد الانفصال. حصل تراجع بالنسبة لبعض الحقوق السياسية للمرأة التي نالتها في عهد الوحدة وما قبله. فاحتفظت المرأة بموجب الدستور المؤقت المشار إليه بحق الانتخاب من دون حق الترشيح وجرى في هذه المرحلة تعديل سن المرشح للنيابة فأصبح 30 عاماً ولكن جرى حصره بالذكور فقط كما ذكرنا.
أما الدستور المؤقت لثورة 8 آذار (مارس) 1963 الصادر في عام 1964 فقد غير الإطار الدستوري لتعريف الدولة فنصت المادة الأولى منه بأن “القطر السوري هو جمهورية ديموقراطية شعبية اشتراكية ذات سيادة وهي جزء من الأمة العربية”. كما نصت المادة 31 من الدستور المذكور بأنه يتولى “المجلس الوطني للثورة السلطة التشريعية ومراقبة أعمال السلطة التنفيذية”. وحددت المادة 32 مهامه بانتخاب مجلس الرئاسة وتعديل الدستور الدائم وإجراء الاستفتاء العام. كما قضت المادة 33 بأنه يشكل المجلس من أعضائه الحاليين (معينين)، إضافة إلى ممثلين عن قطاعات الشعب ويحدد عددهم وكيفية تمثيلهم بقانون. وتم فيما بعد تعيين أعضاء هذا المجلس على دفعتين التشكيلة الأولى جرت في عام 1965 حيث عقد (المجلس الوطني للثورة) بتاريخ 1/9/1965 وهو البرلمان الذي كان مؤلفا من 95 عضواً بينهم ثمان سيدات. أما التشكيلة الثانية فكانت بتاريخ 15/2/1966 عبر توسيع المجلس السابق وإضافة أعضاء جدد من الذكور والإناث بما جعل عدد أعضاء المجلس يبلغ 134 عضوا بينهم 12 سيدة بعد إضافة أربع سيدات للعضوات السابقات ويبدو أن هذا المجلس الأخير لم يتمكن من عقد أية جلسة له نتيجة لبعض الاختلافات التي حدثت في هرم السلطة آنذاك. فتسلمت القيادة مجموعة حركة 23 شباط وهو تاريخ أخذها زمام الأمور بيدها بتاريخ 23/2/1966. وتم تعطيل (المجلس الوطني للثورة) قبل أيام من تاريخ 23/2/1966.
حصل تحول مفصلي في الحياة السياسية بتاريخ 16/11/1970، من خلال الحركة التصحيحية التي قادها الفريق حافظ الأسد. فتم أولاً تشكيل مجلس معين في عام 1971 باسم (مجلس الشعب) كان للمرأة فيه أربعة مقاعد. وقام المجلس المذكور بوضع الدستور الدائم في نهاية الشهر الأول من عام 1973 الذي حدد سبل انتخاب المجلس التشريعي القادم والذي استمد من خلال استفتاء شعبي عام. واعتباراً من تاريخ 9/6/ 1973 بدأ الدور التشريعي الأول لـ (مجلس الشعب) والذي كانت المرأة ممثلة فيه بنسب مختلفة في كافة أدواره التشريعية، حيث أنهى بتاريخ 2/12/2002 دوره التشريعي السابع بانتظام، بمعدل دورة انتخابية كل أربع سنوات كاملة، وبدأ في عام 2003 دوراً تشريعياً جديداً.
المرأة في الدستور السوري
أقر الدستور عام 1973، ويتضمن المواد التالية المتعلقة بالمرأة بشكل خاص:
المادة 25:
- الحرية حق مقدس وتكفل الدولة للمواطنين حريتهم الشخصية وتحافظ على كرامتهم وأمنهم.
- المواطنون متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات.
- تكفل الدولة مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين
المادة 44:
- الأسرة هي خلية المجتمع الأساسية وتحميها الدولة
- تحمي الدولة الزواج وتشجع عليه وتعمل على إزالة العقبات المادية والاجتماعية وتحمي الأمومة والطفولة وترعى الناشئين والشباب وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم.
المادة 45:
تكفل الدولة للمرأة جميع الفرص التي تتيح لها المساهمة الفعالة والكاملة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية وتعمل على إزالة القيود التي تمنع تطورها ومشاركتها في بناء المجتمع العربي الاشتراكي.
إلا أن هذه المواد الدستورية التي تتعامل إيجابياً مع حقوق المرأة، تتناقض كليا مع الكثير من مواد قانون الأحوال الشخصية، وبعض مواد قوانين العقوبات وقانون الجنسية.
المرأة في قانون الأحوال الشخصية السوري:
يتناقض قانون الأحوال الشخصية وبعض مواد القوانين الأخرى كالجنسية والعقوبات، (الأمر الدائم لوزير الداخلية رقم 876 لعام 1979 والذي يحدد انتقال وسفر الزوجة دون موافقة الزوج)، مع الدستور السوري الذي يساوي بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات، إذ تحمل مواد قانون الأحوال الشخصية تمييزاً ضد المرأة تشمل حقوق الولاية والقوامة والوصاية، والمساواة في الزواج والطلاق والإرث، وحق المرأة في صحيفة مدنية مستقلة، وحقها في العمل والتعليم والإقامة والسفر والتنقل وغيرها.
وكذلك قانون العقوبات فيما يتعلق بجريمة الزنا وعقوبة ما يسمى بجرائم الشرف، وقانون الجنسية الذي يحرم الأم السورية من منح جنسيتها لأولادها مهما كانت الظروف.
من ناحية أخرى لا توجد أي مؤيدات جزائية أوعقوبات، لمن يخالف التعديلات التي أدخلت على القانون لصالح المرأة.
وأمام كل مطالبة بتغيير هذا القانون لصالح المرأة، أوالمطالبة بقانون أسرة عصري تراعى فيه حقوق جميع أفراد الأسرة طبقا للدستور، يقف المعارضون محتجون بأن أي تغيير في القانون لصالح المرأة يتعارض مع الشريعة الإسلامية، وفي الحقيقة إن ما يمنع تطبيق مثل هذا القانون هوفقط العقلية الذكورية البطريركية، التي سبق أن قبلت بإلغاء الرق وبتغيير الحدود في القانون كحد السرقة والزنا والقتل، في حين تقوّم الدنيا ولا تقعد إذا طالب أحدهم برفع سن حضانة المرأة لأطفالها سنة واحدة، فإنصاف المرأة قانونيا لا يمكن أن يتعارض مع مقاصد الشريعة العادلة.
تواجد المرأة في مجلس الشعب:
عين مجلس الشعب في دورته الأولى، بعد الحركة التصحيحية، تعيينا (1971-1973) ضم في عضويته 4 نساء بنسبة 2,89%. حيث أقر دستور عام 1973 بدءاً من عام 1973 تتالت على مجلس الشعب 8 أدوار تشريعية.
وفيما يلي نسبة تواجد النساء في الأدوار التشريعية المتتالية :
الدور التشريعي |
عدد الأعضاء |
عدد النساء | النسبة |
الأول 1973-1977 |
186 | 5 |
2.96 |
الثاني 1977-1981 |
195 | 6 |
3.07 |
الثالث 1981-1985 |
195 | 12 |
6.15 |
الرابع 1986-1990 |
195 | 16 |
8.2 |
الخامس1990-1994 |
250 | 21 |
8.4 |
السادس 1994-1998 |
250 | 24 |
9.6 |
السابع 1998-2002 | 250 | 26 |
10.4 |
الثامن 2003 – 2007 |
250 | 30 |
12 |
1- المرأة في مواقع صنع القرار
شغلت المرأة خلال العقود الأربعة المنصرمة العديد من المواقع القيادية في مؤسسات الدولة والمجتمع، بما فيها مؤسسة رئاسة الجمهورية والوزارات المتعاقبة منذ 1970.
– نسبة النساء في مجلس الشعب (12%)
– نسبة النساء في مجالس الإدارة المحلية (3.1%)
ويشير التفاوت بين هاتين النسبتين إلى وجود مؤثرات اجتماعية مترسبة على المستويات المحلية تعيق مشاركة المرأة بشكل أكبر هذا الجانب من الحياة العامة.
2- المشاركة الاقتصادية وصنع القرار: تقاس بمؤشرين، الحصص المئوية للنساء والرجال في مناصب المشرعين والمسؤولين رفيعي المستوى والمدراء، والحصص المئوية للنساء والرجال في المناصب المهنية والتقنية
– نسبة النساء في الوزارة (7%)
– نسبة النساء في السلك الدبلوماسي (11%)
– نسبة النساء في القضاء (13.38%) (170 قاضية)
– نسبة المحاميات (16%) وتشغل سيدة منصب النائب العام منذ عام 1998.
– الإعلام: نسبة النساء (38%) من أعضاء اتحاد الصحفيين.
الخاتمة
ما سيسجله التاريخ، خلال خمس سنوات من الأزمة العاتية التي تمر بها سورية هو مدى التضحيات التي قدمتها النساء السوريات ولا يزلن، بفلذات أكبادهن دفاعاً عن الوطن إضافة إلى وقوفهن جنباً إلى جنب مع رجال الجيش العربي السوري في أرض الميدان، وفي كافة ميادين الحياة العامة. وما إجراء الانتخابات البرلمانية في خضم هذه الحرب التي تتعرض لها سورية إلا مؤشر قوي على صمود سورية دولة ومجتمعاً وعلى استمرارية الدولة في تعزيز قوة مؤسساتها وحضورها.
والجدير بالذكر، أن المرأة السورية أثبتت جدارتها وكفاءتها في كافة المجالات التي عملت فيها والمناصب التي تبؤأتها على مر عقود طويلة، وهاهي اليوم وفي خضم هذه الحرب المستعرة ضد سورية تسجل أعلى نسب مشاركة في الانتخابات البرلمانية المزمعة في الثالث عشر من نيسان المقبل، حيث بلغ عدد السيدات المتقدمات للترشح 291 سيدة.
أخيرا وليس آخرا ونظرا للدور المحوري المنوط بالمرأة السورية، خاصة في ظل هذه الأزمة في كافة المجالات ولان تطور المجتمعات لا يتحقق إلا إذا كانت فيه كل حقوق المرأة مضمونة باعتبارها تشكل نصف المجتمع،ولكي تتمتع بمنزلة مساوية لمنزلة الرجل بموجب الدستور والقانون في مختلف مناحي الحياة ،وبغية إنصافها ومكافأتها على نضالها البطولي على مدى عقود طويلة لا بد من تحقيق الخطوات التالية وهنا نورد بعض التوصيات التي خرج بحث “النساء ومجلس الشعب في سورية”:
- مراجعة جميع القوانين من أجل تعديل أو حذف أو إضافة مواد تضمن تحقيق المساواة في الحقوق والواجبات لكل من المرأة والرجل في إطار الحياة الخاصة والعامة.
- إدماج منظور النوع الاجتماعي ( الجندر ) في جميع الاستراتيجيات الوطنية.
- اعتماد آليات محددة تساعد المرأة للوصول إلى مواقع صنع القرار وعلى جميع الصعد ( الاجتماعية – الاقتصادية – السياسية ).
- زيادة الإنفاق الحكومي على التعليم والتدريب والتأهيل واعتماد آليات تشجيعية لزيادة التحاق الفتيات والنساء في هذه الدورات.
- تضمين القوانين وبخاصة قوانين العمل مواد لحماية المرأة من الاستغلال وبخاصة من التحرش الجنسي في أماكن العمل مما يخلق بيئة آمنة ومناسبة لانخراط المرأة بعملية التنمية كمدخل عريض لوصولها إلى مواقع صنع القرار.
- تشجيع المجتمع المدني لإقامة جمعيات تنموية غير حكومية لزيادة مساهمة المرأة في عملية التنمية المستدامة.
- تنقية المناهج التعليمية والإعلامية كلياً من الصور النمطية لكل من المرأة والرجل وإحلال الشراكة في إدارة شؤون الأسرة بين الزوجين والربط بين حقوق المرأة وحقوق الإنسان في المناهج وتعزيز مبدأ الشراكة في الأدوار والمسؤوليات وفقاً لمعايير النوع الاجتماعي .
- تحديث القوانين المتعلقة بمبدأ المشاركة وبخاصة قانون الجمعيات مما يتيح الفرص أمام النساء للمشاركة والتدريب والتأهيل من أجل تكوين القيادات النسائية المجتمعية.
- تمكين النساء من آليات العمل التشاركية والانتخابية.
- دعم الهيئة السورية لشؤون الأسرة من قبل جميع الشركاء لتنفيذ مشروعها القائم على تحقيق مبدأ الشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني ومع الحكومة لتحقيق هدفها المتمثل بتطوير واقع الأسرة السورية ومن ضمنها المرأة السورية.
- إجراء عدد من المسوحات الاجتماعية لرصد الواقع المعاشي بكل تفصيلاته في مختلف المجالات وتحديد مكانة المرأة الحقيقية في حياة الأسر.
- توفير قاعدة بيانات شاملة تتضمن علاقة المرأة بالملكية وعملها في القطاع
غير الرسمي. - رفع وعي المرأة وتعريفها بحقوقها وبإمكاناتها وقدراتها وتنمية حس المواطنة لديها وتدريبها على مهارات القيادة والإدارة وصنع القرار والتخطيط والتفاوض والاتصال والخطابة والقدرة على التأثير.
- مراجعة القوانين وتعديل المواد التمييزية ضد المرأة وإجراء مواءمة مع بنود الاتفاقيات الدولية المصادق عليها وتشريعاتنا الوطنية لضمان تحقيق المساواة في الحقوق والواجبات في إطار الحياة العامة والخاصة.
- زيادة نسبة إنفاق الحكومة على برامج تمكين المرأة.
- تمكين المرأة اقتصادياً لزيادة مساهمتها في عملية التنمية المستدامة واعتماد
سياسات محددة لتكون جزءاً فاعلاً من العملية الإنتاجية وتوجيه النساء إلى المهن
غير التقليدية.