جريدة البعث- أدلى مصدر إعلامي مسؤول في القيادة القطرية للحزب بتصريح لـ “البعث” أوضح فيه مسألة حل الاتحاد النسائي بموجب المرسوم التشريعي رقم 16 للعام الحالي، والذي جاء بعد نقاش مستفيض في القيادة القطرية.
وأكد المصدر أن الهدف من حلّ الاتحاد هو تعزيز التوجّه نحو تحقيق المساواة الكاملة بين الجنسين، ونحو الإلغاء التدريجي للتمييز ضد المرأة، إضافة إلى أنه تكييف للقوانين مع الدستور ومواده، وأن الإلغاء لا يعني أن تجربة الاتحاد كانت فاشلة، بالعكس تماماً، أدّت وظيفتها، وأتت أُكلها في المراحل السابقة، وحان الوقت للارتقاء بالمرأة إلى مستوى جديد على طريق المساواة التامة.
وفي حديثه عن تاريخ الاتحاد، قال المصدر: إن تأسيسه عام 1967 كان في حينه خطوة رائدة لتفعيل دور المرأة في تلك المرحلة المبكرة من عملية النهضة الاجتماعية الشاملة، وإنه بعد الحركة التصحيحية تعزّز دور الاتحاد الذي خطا خطوات واسعة في عملية النهوض بواقع المرأة ودورها، مشدداً على أن حل الاتحاد هو اعتراف واضح بانتهاء المرحلة التي تمّ فيها إعداد المرأة السورية للمراحل اللاحقة حيث تفتح آفاق المساواة الكاملة. ففي سورية وصلت المرأة على مستوى السلطات السياسية إلى مناصب عليا تنافس فيها الدول المتطوّرة، فهي في وقت واحد نائب لرئيس الجمهورية ورئيسة السلطة التشريعية ناهيك عن المهام والمناصب الأخرى.
وأكد المصدر أن حل الاتحاد استناداً لما سبق هو ضرورة تطويرية تأتي استكمالاً لإنجازات المرأة في الفترة السابقة، وهو كذلك التزام بالدستور، فلقد أكدت الفقرة الرابعة من المادة الثامنة في فصل المبادئ السياسية على أنه “لا يجوز مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب أو تجمعات سياسية على أساس ديني أو طائفي أو قبلي أو مناطقي أو فئوي أو مهني، أو بناءً على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو العرق أو اللون..”. وبالنسبة لمفهوم المواطن أشارت المادة العاشرة من الدستور في المبادئ السياسية الأساسية أن “المنظمات الشعبية والنقابات المهنية والجمعيات، هيئات تضم المواطنين”.. ومفهوم “المواطن” لا يخضع لجنس الإنسان ذكراً أم أنثى، لذلك فإن قيام أي منظمة شعبية على أساس الجنس لم يعد مقبولاً.
ونوّه المصدر إلى أهمية تطبيق المعايير الدستورية، فالمنظمات الشعبية والنقابات وغيرها تمثّل “قطاعات الشعب” ومعيار “القطاعات” هو النشاط المهني وليس الجنس “ذكر و أنثى”،
وإضافة إلى هذا المعيار من الممكن أن يتمّ تحديد القطاع استناداً للفئة العمرية كالشباب أو الأطفال أو كبار السن لأن هذه الفئات لا تتعارض مع محددات التنظيم النقابي، كما وردت في مقدّمة الدستور ومبادئه، فهذه الفئات لا تقوم على أساس معيار الجنس أو العرق أو الدين.. الخ وهذا هو الفرق بين هذه النقابات الدستورية والاتحاد النسائي.
إنهاء التمييز التنظيمي يعزّز التوجّه لإنهاء التمييز المجتمعي
وأكد المصدر أن الدستور لا يسمح بتمييز المرأة وتنظيمها في منظمة قائمة على معيار الفرق بين الجنسين، ففي المبادئ الاجتماعية تؤكّد المادة الثالثة والعشرون على أن الدولة “توفّر للمرأة جميع الفرص التي تتيح لها المساهمة الفعّالة والكاملة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتعمل على إزالة القيود التي تمنع تطوّرها ومشاركتها في بناء المجتمع”، أما التمييز التنظيمي عبر “الاتحاد النسائي” فهو يعزّز التمييز الواقعي، ويرسّخ شعور المرأة بأنها غير الرجل في المفهوم النقابي والاجتماعي والسياسي العام، لذلك فإن التفرقة الشكلانية في هذه المرحلة، بمعنى أن يكون للمرأة منظمة شعبية، سوف تعزّز الشعور بالتمييز وعدم المساواة، بينما المطلوب هو القضاء على هذا الشعور، وهكذا تنتهي تماماً فكرة “الكوتا”، التي هي أيضاً فكرة تمييزية، ربما تصلح للمجتمعات المتخلّفة التي لا تستطيع فيها المرأة الوصول إلى المسؤوليات بشكل طبيعي قائم على المساواة، أما المرأة في سورية فقد أصبحت أكثر حضوراً في جميع المجالات.
وقال المصدر: صحيح أن موقع المرأة ودورها في الثقافة الاجتماعية السائدة ما زال دون خط المساواة مع الرجل، لكن على الرغم من ذلك فإن دور المرأة اليوم تطوّر كثيراً عن دورها في الستينيات والسبعينيات، ومن جهة ثانية فإن إلغاء التمييز في المجال التنظيمي والإداري على مستوى فعاليات الدولة يحفّز التوجّه نحو إلغاء التمييز شيئاً فشيئاً في الثقافة الاجتماعية السائدة، وهذا هو دور الدولة والحزب والقوى التقدّمية والطليعة المثقفة الواعية التي ترسم ملامح التقدّم، وأضاف: إن دور الدولة في مفهومها لا يقتصر على أن يعكس حالة المجتمع وإنما ينبغي أن يحفّز تقدّم المجتمع أيضاً، وهذا هو الأهم، لذا فإن الحلول الدستورية والقانونية لابد أن تكون أكثر تقدّماً من الحالة الاجتماعية كي تحفّز تقدّم هذه الحالة وتطوّرها.
لا بد من تعزيز حركة التنمية الاجتماعية
وأكد المصدر أن إلغاء التمييز الاجتماعي لا يتحقق بمجرد إلغاء التمييز القانوني والتنظيمي، فلا بد بالتوازي مع ذلك من تعزيز حركة التنمية الاجتماعية القائمة على أساس المجتمع الأهلي وهيئاته، وارتباط ذلك بالوزارة المختصة “الشؤون الاجتماعية والعمل”. وهذه الجمعيات سوف تعزّز دور المجتمعين الأهلي والمدني، وتعمل على تطوير مسألة التنمية الاجتماعية، مع التركيز على تعزيز النهوض بدور المرأة والطفل في المجتمع، وتقوية ثقافة العمل الطوعي والتضامن الاجتماعي، لكن دون أن تقوم هذه الجمعيات على أساس الجنس حصراً، وهذه الهيئات المجتمعية والجمعيات الأهلية وغيرها ضرورة اليوم في إطار تعزيز التنمية المجتمعية الشاملة، وهذه التنمية لا تقتصر على التدريب والتأهيل والتشغيل ورياض الأطفال وغيرها، وإنما تُسهم أيضاً في رفع مستوى الوعي العام تجاه حقوق المرأة والطفل والأسرة ومحاربة العنف ضد المرأة والطفل، كما تسهم هذه الهيئات والجمعيات في تعزيز الانتماء الوطني ومواجهة الفكر الإرهابي التكفيري وكل أشكال التعصّب، وتعميق ثقافة الخير العام والمواطنة والتكاتف والوحدة الوطنية.