دمشق/ جريدة الوطن- اعتبر «مركز دمشق للأبحاث والدراسات – مداد» أن ثمة تراجعات كبيرة حاصلة في أوضاع المرأة السورية نجمت عن تأثير الحرب وأن هناك خوفاً «مبرراً» من الاستمرار في هذا المسار في ظل التحديات الجسيمة التي تواجه البلاد على المدى المنظور.
وأشار المركز في دراسةٍ اجتماعية بعنوان: «المرأة في سورية: التحديات والفرص نحو آلية مؤسساتية للنهوض والتمكين»، وتلقت «الوطن» نسخة منها، إلى أن وضعيةُ المرأة، في أي مجتمع، تشكّلُ واحداً من المؤشرات الكاشفة والدّالة على تطوره أو تخلفه وفق مقاييس التقدم.
ورأت الدراسة، أن زيادةُ الوعي بقضايا المرأة وإعطاءها مكانتها في سلم أولويات التنمية، يتطلب وجود إستراتيجيات وخطط وبرامج عمل على المستوى الوطني، تتوافر على مؤشرات قابلة للقياس والمتابعة والتقييم ضمن أطر زمنية محددة، لافتة إلى أن التجارب الدولية في هذا المجال تشير إلى أنه في ظل غياب مظلة تقوم بتلك المهام وتجمع الجهود وتنسقها، فإن أي عمل وطني في هذا المضمار سيظل عرضة لتهديد تشتته وتبعثره وعدم تحقيق الأهداف المرجوة منه.
وبالنظر إلى وضعية المرأة في سورية، اعتبرت الدراسة أن «النظرة المتمعّنة تفصح عن إنجازات متحققة لا يمكن إنكارها، وفي الوقت نفسه عن فجوة بين الجنسين لا تزال حاضرة، وإلى تفاوت كبير حتى مع بعض الدول العربية، وهو تفاوت نجم عن بطء في مسار التغيير في العقود الأخيرة من القرن الماضي، تبعه شبه ركود مع بدايات هذا القرن؛ ولا ريب أن ثمة تراجعات كبيرة حاصلة نجمت عن تأثير الحرب في أوضاع المرأة السورية في السنوات السبع الأخيرة، وثمة خوف «مبرر» من الاستمرار في هذا المسار في ظل التحديات الجسيمة التي تواجه البلاد على المدى المنظور.
واقترحت الدراسة إحداث آلية مؤسساتية سورية للمرأة، وقدمت سيناريوهات عديدة يمكن أن تتخذ الآلية المقترحة أحد أشكالها، ولكل شكل منها نقاط ضعفه وقوته.
ويتضمن السيناريو الأول إحداث وزارة دولة لشؤون المرأة، واعتبرت الدراسة أن هذا السيناريو قابل للتنفيذ من حيث إسناد هذه المهمة لإحدى وزارات الدولة التي تعاني حالياً من عدم وضوح هويتها ومهامها المتغيرة باستمرار والتي لا تعدو أن تكون في معظم الأحيان حبراً على ورق.
أما السيناريو الثاني، فهو يتعلق بالهيئة السورية لشؤون المرأة والأسرة والسكان، ورأت الدراسة أن هذا السيناريو واقعي نظرا لوجود الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان، وهي مؤسسة موجودة وراكمت خبرات في هذا المجال؛ ويمكن عن طريقه للهيئة التخلص من نقاط ضعفها التي أشرنا إليها آنفاً «تبعيتها لوزارة الشؤون وإطلالتها على موضوع المرأة من منظور الأسرة».
ورأت أن تحقيق هذا السيناريو لا يتطلب أي نفقات، وإنما يحتاج فقط إلى مرسوم لتعديل قانون الهيئة الحالي، يضيف المرأة إلى اسم الهيئة.
وقدّمت الدراسة سيناريوهاً ثالثاً بإحداث المجلس الأعلى للمرأة، وأوضحت أنه مجلس يتألف من مجموعة خبراء، وتناط به المهام المشار إليها أعلاه، ويتبع لرئاسة الجمهورية، أو لرئاسة الوزراء، ويعطى صلاحيات لتنفيذ المهام الموكلة إليه.
ويحتاج تنفيذ هذا السيناريو بحسب الدراسة إلى تخصيص ميزانيات «يمكن أن تسهم بجزء كبير منها المنظمات الدولية»، وإلى إصدار مرسوم لإحداثه وتحديد مهامه، ولكنه يتسم بأنه الصيغة الأقوى للوصول إلى الأهداف المرجوة بما تتيح له مرجعيته من قدرة على إنفاذ وممارسة صلاحياته.
أما السيناريو الرابع فهو إحداث اللجنة الوطنية للمرأة، وهي وفق الدراسة لجنة تتألف من عدد معين من الخبراء ومن منظمات المجتمع المدني العاملة في مجال المرأة وتتبع لرئاسة الوزراء، وتضطلع بالمهام المشار إليها أعلاه.
كما قدّمت الدراسة سيناريوهاً خامساً، بقوم على تعيين مستشارة لشؤون المرأة في رئاسة الجمهورية أو رئاسة الوزراء، ووصفت هذا السيناريو بأنه «أضعف الإيمان» في حال لم يتم تحقق أي من السيناريوهات السابقة.
وأضافت: «سيكون الوضع أفضل بما لا يقاس إذا ما كانت المستشارة رئاسية، لأن هذا سيمكنها من أداء المهام الموكلة إليها بكل سلاسة».
وختمت الدراسة بالقول: إن «الوقت قد حان لأخذ هذا الموضوع بالحسبان من قبل صنّاع القرار، نظراً لما يمكن أن نجنيه كسوريين بشكل عام، وكنساء بشكل خاص، من نتائج إيجابية في حال تمّ تبني أحد السيناريوهات المقترحة أعلاه وفق ما تقتضيه الإمكانات المتاحة».