لينا ديوب/snacksyrian- لم تتوقف النساء السوريات خلال السنوات الأخيرة عن العمل الحثيث لتقديم منظور نسوي لكتابة دستور البلاد، فكان التعاون مع نشطاء وناشطات، وخبراء وخبيرات في القانون والجندر سوريون وعرب وأجانب، وها نحن نرى اليوم ثمرة ذلك العمل وهو إصدار دليل جندرة الدستور، الذي أعده الدكتور “إبراهيم دراجي” أستاذ القانون الدولي في جامعة “دمشق”، و”سيلفي اسوتي” الباحثة في القانون الدستوري من جامعة “أدتبرة” في “اسكوتلندا”، بالتعاون مع المحامي “فائق حويجة” والناشطتان في حقوق المرأة “مية الرحبي” و “صباح الحلاق”.
يكثّف الدليل عبر صفحاته جميع الصكوك والقوانين والتشريعات والأدبيات المتعلقة بمكافحة التمييز ضد المرأة، وكذلك الإجراءات التي يجب أن تعتمدها الحكومات للحد من التمييز، وذلك عبر إجابته على ستة أسئلة هي محاور الدليل، لم تكتف تلك المحاور باعتماد تلك الصكوك والقوانين، بل استعانت بتجارب دول عاشت ظروف الحرب كما نعيش نحن.
محاور
لماذا نريد دستوراً مراعياً للنوع الاجتماعي؟ لماذا تعد الدول ملزمة بجندرة دساتيرها؟ مالذي يجب أن يتضمنه دستور ديمقراطي متوافق مع منظور الجندر؟ كيف نجندر اللغة الدستورية؟ كيف نضمن تنفيذ الدستور؟ كيف نحقق دستوراً متوافقا مع منظور الجندر؟
هذه الأسئلة هي محاور الدليل التي أتت إجاباتها عبر نقاط تعكس واقع النساء وشكل الحكم وما هو منظورهن فالإجابة على المحور الأول تتمثل عبر ست نقاط هي: لأنه دستور ديمقراطي، ويصحح التغييب الاقتصادي للمرأة، كما يؤمن الأساس القانوني لتمكين المرأة، فهو يتناول مصالح المرأة المختلفة، وهو أيضا التزام دولي من جانب الدول، يكتسب أهمية خاصة ما بعد النزاع.
فاتفاقية مناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة “سيداو”، تنص في المادة السابعة منها على أن الدول يجب أن تضمن حقوق المرأة في التصويت في الانتخابات والاستفتاءات، وفي المشاركة في صوغ السياسات الحكومية وتنفيذها وفي شغل الوظائف العامة على جميع المستويات ذلك على قدم المساواة مع الرجل.
المحور الثاني ذكر جميع المواثيق الإقليمية والدولية التي تنص على الالتزام بالمساواة وجندرة الدستور وعدم التمييز ومنها “سيداو” ومنهاج عمل “بكين” وغيرها، أما المحور الثالث فيحدد مبادئ الدستور المتوافق مع منظور الجندر والحقوق والحريات، تبرز أهمية المحور الرابع في الالتفات إلى موضوع اللغة التي تستبعد النساء من مفرداتها في أغلب المشاركات وخاصة السياسية حيث تسود اللغة الذكورية في المراتب الوظيفية المختلفة وكأنها خلقت وصممت للرجال فقط، لذلك ذكر الدليل تقنيات خاصة وأخرى عامة لصياغة الدستور.
في حين جاء المحور الخامس ليوضح إمكانية تقييد تدخل المشرع، وتمكين الأفراد من اللجوء إلى القضاء، واستقلال القضاء كضمان للحقوق والحريات، مع توجيه التفسير القضائي للدستور، مع تقييد إمكانية تعديل الدستور، أما المحور الأخير يتحدث عن فوائد أن يكون الدستور شاملاً للكل.
المصطلحات
يفسّر الدليل المصطلحات الرئيسية منها مصطلح تدابير العمل الإيجابية، والتمييز ضد المرأة والعنف على أساس الجندر والمساواة، ويبدو هذا مهما في الطريق نحو تغيير المجتمع بعمق، لأن الاستخدام الصحيح يفيد في تحديد استبعاد النساء، وتحديد العمل لاشراكهن كما يجب في دستور ديمقراطي علماني.
الأهمية
الدليل الذي ضم المزيد من التفاصيل القانونية والصحية والاقتصادية المتعلقة بحياة نصف المجتمع وهن النساء، عكس أهمية مشاركة النساء في المراحل المختلفة لصياغة الدستور، وخاصة ما بعد النزاع، كما عكس الحضور الواثق للنساء السوريات لصياغة الوثيقة القانونية التي سترسم ملامح حياتهن المستقبلية، إن نضالهن وسعيهن الدؤوب لتغيير المجتمع ليصبح أكثر عدلا وبحثهن عن أفكار لتحقيق ذلك، يكاد ينطق عبر صفحات الدليل وإن كانت الصياغة النهائية للدكتور “دراجي”.
*جميع الآراء الواردة في هذا المقال تعبّر فقط عن رأي كاتبتها/كاتبها، ولا تعبّر بالضرورة عن رأي “تجمّع سوريات من أجل الديمقراطية”.