دويتشه فيله – بعد أحداث التحرش والعنف الجنسي التي طالت مئات النساء في ألمانيا في ليلة رأس السنة، تسعى النرويج إلى توعية اللاجئين بـ”سلوكيات الغرب” وآداب التعامل من المرأة، من خلال دورات تثقيفية، وهو ما أثار حنق بعض اللاجئين.
قد تحظى ورشة العمل التي تهدف إلى توعية طالبي اللجوء في النرويج بشأن “سلوكيات الغرب” فيما يتعلق بالجنس والعنف الجنسي بإعجاب دول أوروبية مجاورة تواجه صعوبات في مجاراة سيل اللاجئين لكن ليس كل من حضر الورشة أعجبه الأمر، لاسيما أنّ الحضور بات شبه الزاميا على طالبي اللجوء في النرويج.
ويتساءل عصام الحلبي وهو يجلس في فصل دراسي يضم 21 رجلا سوريا من طالبي اللجوء عن السبب في إرغامه على حضور هذه الدورة.
وقال الحلبي وهو مدرس يبلغ من العمر 52 عاما من حلب “أعرف كل ذلك سلفا من بلادي.” وأضاف “سوريا مثلها مثل النرويج… في كل دولة هناك أشخاص متخلفون وغير متعلمين.”
والغاية من هذه الدورة التدريبية هي بحث مسألة الاغتصاب في سياق المجتمع الاسكندينافي الأكثر تحررا جنسيا من بلاد طالبي اللجوء لمنع حدوثه.
من جانب آخر، فإن ورشة العمل بالنسبة لبعض الحضور على الاقل تكشف عن تصورات مسبقة عن العادات الجنسية للمشاركين في الدورة ناهيك عن آرائهم في جرائم عنف مثل الاغتصاب.
وقال معاذ وهو طيار مدني يبلغ من العمر 26 عاما لرويترز “أمر مسلي على غير المتوقع أن يتصور أغلب الناس أننا لم نتعرض لمثل ذلك لمجرد أننا أجانب من الخارج.”
وأضاف معاذ الذي رفض الكشف عن اسم عائلته “نحن نتعرض لذلك كل يوم في بلادنا. لي أختان يمكن أن تتعرضان للتحرش في أي مكان في العالم.” وأضاف “نحن نتعرض لمثل ذلك ، لم نأت من مكان مسالم.”
وأطلقت النرويج البرنامج بعد سلسلة هجمات على نساء في عام 2009 أثناء الليل في شوارع ستافنجر ثالث أكبر مدن النرويج.
وأفادت شبكة ان.ار.كيه الإذاعية التي أطلعت على وثائق قضائية أن 17 من 20 شخصا أدينوا في هذه القضايا أجانب.
وستلقى هذه الدورة التدريبية صدى لدى بعض الدول الأوروبية التي تواجه أسوأ أزمة لاجئين منذ الحرب العالمية الثانية خاصة بعد توجيه أصابع الاتهام في حوادث تحرش جنسي جماعي بنساء في كولونيا بألمانيا ليلة رأس السنة إلى مهاجرين.
حيط حقول مغطاة بالثلوج بمخيم اللاجئين المقام في منطقة ريفية على الساحل الغربي للنرويج. وأقرب منطقة من هذا المكان هي سلسلة خنادق كان الألمان يستخدمونها في الحرب العالمية الثانية. وأكبر ضجة يمكن أن تصل للإسماع مصدرها صوت ارتطام أمواج المحيط الأطلسي على رمال الشاطئ القريب.
وعندما زار مراسل رويترز ورشة العمل التي تستمر يوما واحدا كانت المدربة ليندا هاغن تعرض صورة لنرويجية بنية الشعر ترتدي رداء قصيرا وحذاء ذا كعب عال وسألت المدربة “ما هي الإشارات التي توجهها (الفتاة)؟”
وقسم الرجال الحاضرون إلى مجموعات لمناقشه الرد وعرضه على الفصل.
وقال أحدهم “هذا قد يكون أمرا عاديا جدا.” وقال آخر “لا شيء غير معتاد.” وقال ثالث “قد تكون في مقهى.”ولم يقل أحد إنها تبدو مثيرة جنسيا أو إن ذلك مستفز.
وقالت هاجن إن الدورة تعالج مسألة صعبة بأكبر قدر ممكن من الحساسية.
وقالت لرويترز “هذا موضوع صعب. نوايانا طيبة بشأن هذه الدورة التدريبية لكنه موضوع تصعب مناقشته. نحن لا نعرف ما مروا به (المشاركون) من قبل.”
ولا تخاطب الدورة المشاركين فيها باعتبارهم ممن يحتمل أن يرتكبوا عنفا جنسيا بل باعتبارهم أعضاء مستقبليين في المجتمع النرويجي يمكنهم تقديم مساهمة إيجابية عن طريق منع الاعتداءات الجنسية.
وروت المدربة حكاية أخرى لمناقشتها عن شخص يدعى حسن “رجل طيب متعاون يحبه الناس” ويقيم في النرويج منذ أكثر من عام يصادق آرني النرويجي الذي يقول إنه يريد استمالة شتاين وهي امرأة نرويجية بتقديم مشروب كحولي لها “لتقليل مقاومتها”. وتسأل المدربة ما الذي يتعين على حسن القيام به؟
وأجمعت الآراء على أن حسن يجب أن يحاول منع آرني أو أن يضمن أن تصل شتاين إلى منزلها سالمة.
تتعرض الدورة التدريبية كذلك لأسئلة صعبة يدور النقاش حولها في مختلف أرجاء العالم الغربي ومنها حرم جامعات أمريكية. في واحدة من هذه الحالات يشاهد الرجال تسجيل فيديو لشاب وفتاة يتحدثان ويرقصان ويضحكان في حفل.
ويصعد الشابان إلى غرفة نوم في الطابق العلوي حيث يجبر الشاب الفتاة على ممارسة الجنس معه رغم رفضها.
وتسأل هاغن: “ما رأيكم في الشاب؟ ما رأيكم في الفتاة؟”
وقال أحد الرجال “لو كنت مكان الشاب لتصورت أنها راغبة. فقد صعدت معه إلى الطابق العلوي وجلست معه على السرير.”
وقال آخر “ألومه لأنه استخدم القوة. يتعين أن تكون هناك موافقة من الطرفين.”
ولكن الحلبي كان حاسما في موقفه “بالنسبة لي كان واضحا من البداية أن هذه عملية اغتصاب.” وأضاف “كان واضحا أنها خائفة وهي تصعد معه. القبل والأحضان أمور شائعة في أوروبا.”
وباستثناء موقف الحلبي تقول هاغن إنها نادرا ما تلقت ردود فعل سلبية عن هذه الدورة التدريبية منذ أن بدأت تقديمها في عام 2011. وقالت “إذا تمكنا من تجنب سوء الفهم سيكون ذلك في غاية الأهمية.” وأيّد البعض أن الدورة كانت مفيدة.
وقال هاني سلوم وهو طالب سوري يبلغ من العمر 25 عاما وصل منذ أربعة أشهر “أعلم من قبل أن البنات هنا أكثر تحررا لكنني الآن أفهم ذلك بشكل أفضل.”